القائمة الرئيسية

الصفحات

 المقدمة

 


أكد عدد كبير من الكتاب في العصور القديمة([1]) والحديثة على حد سواء أنَّ الحكمة الروحية والفلسفة العملية([2]) للحياة كانت دائما متاحة للبشرية، وأنها، مهما كانت مستورة بعمق، يمكن العثور عليها في الكتب المقدسة الخاصة بالأديان العالمية الكُبرى. ويقولون ما على الإنسان إلَّا أن يُزيلَ الحُجُبَ السَّاتِرةَ الخاصة بالقَصَص التَّمْثِيِلي (allegory) والحكاية التَّمثِيليَّة الرمزية (parable) والرمز (symbol) للكشف عن المعرفة التي يمكن أن تمنحَ صفاءً للعقل وسكينة وطُمَأنينة للقلب وإشراقًا وتؤدي إلى الاستنارة الروحية (spiritual illumination).

وإذا تغاضينا عن الحكايات الشعبية والخرافات البدائية، فيُمكن حينها مُقاربة الكتب المقدسة وأساطير الشعوب القديمة بنفس الطريقة. ومع ذلك، توجد وجهتا نظر على الأقل فيما يتعلق بأصل هذين الأخيرين. الرأي الأول يرى بأنَّ الأساطير العالمية قد تطورت تدريجيًا كتفسيرات لظواهر الطبيعة. حيث عمدت الأجناس البدائية، التي كانت تمتلك معرفة علمية قليلة أو معدومة، بتجسيد قوى الطبيعة وتصوير تفاعلاتها بأسلوب درامي. ويمكن اعتبار مثل هذه الحكايات بمثابة أساطير شعبية على عكس تلك المبنية على أسس تاريخية، أو يفترض أنها تاريخية.

والرأي الثاني يزعم بأنَّ العديد من هذه القصص القديمة، قد حازت على اهتمام الشعراء والرَّائين أو المُستبصرين (seers) والأنبياء الذين نشأوا فيما بعد داخل الأمم، فقالوا بأنَّ لها دلالة كونية ودينية ونفسية وأخلاقية عميقة. فعلى سبيل المثال، اعتمد إسخيلوس (Aeschylus) على الأساطير (myth) والسِّيَر (legend) اليونانية في العديد من حبكاته الروائية، كما فعل أيضًا سوفوكليس ويوريبيدس (Sophocles and Euripides)، من بين آخرين. وبهذه الطريقة جرى الحفاظ على العديد من الأساطير القديمة وإحيائها، بعد أن أصبحت مشبعة بالمعاني الدينية أو الفلسفية. ويقال أيضًا أنَّ المُسَارِرِينَ ((Initiates([3]) المُنتمين للمدارس الباطنية (occult schools) والأديان المستورة (Mystery) في الحضارات القديمة قد أعادوا صياغة القصص عمدًا لتصبح وسائطَ لنقل معرفتهم بنشأة الكون، ودورة التطور الهابط (involution)، والتطورات الصاعدة (evolution)([4])، والطبيعة الحقيقية، ومصير الإنسان إلى الذرية اللاحقة. ولقد وجد العلماء المعاصرون أيضًا في الأساطير القديمة رموزًا موافقة للعمليات العقلية الدقيقة التي يدرسونها ويحاولون شرحها وإيضاحها وتفسيرها. ففرويد، على سبيل المثال، استخدم عبارة «عقدة أوديب([5])»، في حين أن مصطلح «كعب أخيل([6])» يُستخدم أحيانًا للإشارة إلى نقطة ضعف أو مقتل أو هشاشة نفسية. وقد وجد كارل يونغ بدوره في القصص القديمة نماذج بدئية رمزية([7]) للاستجابات البشرية.

يُمكن لأديان وفلسفات السابقين، وبطرق عديدة ومختلفة، أن تعود بفوائد عظيمة على الطالب المُعاصر الذي يدرسها. وأمَّا الحائز على معرفة باللسان المُقدَّس، والذي يمتلك مفتايح التأويل([8]) فبإمكانه تمييز الأفكار المُشتركة بين جميع الأديان العالمية، سواء الأفكار الظاهرية منها أو الداخلية (esoteric). ولأجل إتاحة هذه الأفكار وتيسير أخذها، فقد جرى استخدام رموز عالمية؛ لأنَّ دلالتها ثابتة ومُستقرة عبر العصور، كثبات العقائد التي تكشف عنها هذه الرموز([9]). وعلى الرغم من التسليم بوجود الخرافات القديمة والممارسات السحرية([10])، وكذلك التجسيد([11]) العفوي والدرامي للظواهر الطبيعية عند الشعوب البدائية، إلَّا أنَّه يُمكن اعتبار الكتب المقدسة والأساطير العالمية بمثابة مناجم غنية بالحكمة الأزليَّة. ولذلك بين الحين والآخر في هذا العمل، يجري الكشف عن أوجه تشابه بين المقولات أو العبارات الكتابية (Biblical) ونفس الأفكار التي تظهر بأشكال مختلفة في كتابات مقدسة أخرى.

تظهر قيمة هذا المنهج في التعامل مع الكتب المقدسة العالمية وتتضح بجلاء عندما يجري تطبيق مفاتيح التأويل على الكتاب المقدس. غير أن الإتيان بتأويل موفق أصبح صعبًا بسبب ثلاث ممارسات خاطئة سائدة على الأقل:

الأولى هي الخلط بين الحُجُب، التي هي أغلفة سطحية، وبين الحقائق التي تخفيها وتكشف عنها في الوقت عينه هذه الأغلفة([12]).

الثانية هي قبول الكثير من الأمور المكتوبة بأسلوب القَصص التمثيلي (allegorical) بشكل حرفي واعتبارها حقائق، رغم أن بعضها قد يكون غير معقول.

الثالثة هي إصرار بعض الطوائف المسيحية على الإيمان غير المشروط بالعقائد المستندة إلى قراءة حرفية لبعض مقاطع الكتاب المقدس كشرط لخلاص الإنسان في الدنيا والآخرة. وللأسف، يتمادى هذا الأمر إلى فتاوى بابوية([13]) تعتبر أن عدم الإيمان الصريح بالعقائد المذكورة ذات المعنى الحرفي قد يؤدي إلى الحرمان الكنسي، الإقصاء والتهميش، بل وحتى إلى اللعن الأبدي([14]).

إنَّ هذه الاتجاهات التي يمكن ملاحظتها في المسيحية التقليدية تُعتبر ضارة للغاية في الفترة الحالية من تاريخ العالم؛ فبسببها يتحول انتباه المسيحيين وينصرف وعيهم عن الحقائق الأبدية الأساسية. ومن أهم هذه الحقائق الأساسية طُرًّا التي صُرفَ وعي الناس عنها هو البحث عن الحضور الإلهي (Divine Presence) واستكشافه في أعماق بني البشر للكشف عنه، وهذا ما يُعبَّر عنه صراحة في قول الرسول بولس «الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ الْمَجْدِ»([15]). والحقيقة الأخرى المهمة والأساسية هي صرفهم عن حقيقة أنَّ الأُلوهِيَّةَ (Divinity) توجد في جميع البشر بنفس الكيفية بلا أدنى اختلاف([16]). فإذا ما جرى الإدراك والوعي التام، وبالتالي الاعتراف بحقيقة «الوحدة الروحية» (spiritual unity) التي تجمع بين جميع أفراد الجنس البشري، فحينئذٍ تُصبح المنافسة العدوانية والجريمة المنظمة والحروب الاستعمارية أمورًا مستحيلة الحُدوث. قد تكون حالة البشرية الراهنة المُصابة بالظلمة الروحية المُحزنة (spiritually darkened) والمهدَّدَةِ بالحربِ والمنقسمةِ بالتنافسِ المحمومِ من بين العواقب المأساوية للفرض المستمر([17])، منذ فترة طويلة، لعقائِدَ مبنية على قراءة حرفية (literal reading) لقصص تمثيلية (allegories) في الكتاب المقدس من قبل القادة الروحيين القائمين على العقيدة الإيمانية المسيحية (Christian Faith). لأنه عندما يجري قبول هذه المبادِئ العقدِيَّة (dogmas) وتطبيقها على مناحي الحياة، فإنها تؤثر حتما على العَلاقات الدَّولِيَّة والوطنية والشخصية. وقد تقع على عاتقهم مسؤولية جزئية عن حالة الانقسام في المسيحية (Christianity) وحتى حالة الانقسام في البشرية عمومًا.

فكيف يمكن، إذاً، رفع حُجُب (veils) القَصَص التَّمْثِيِلي (allegory) والرَّمزِ لتوضع جانبًا وتُكشف الحِكمةِ المكنونة (hidden wisdom)؟ يُقدم هذا العمل - من بين العديد من الأعمال الأخرى حول هذا الموضوع في الأدب القديم والحديث - إجابات عامة وتفصيلية على هذا السؤال الأكثر أهمية. وباختصار، يجب على أولئك الذين يسعون لاكتشاف الحكمة الكامنة  في القصص التمثيلية (allegories) المُلهِمَة أن يتقدموا إلى حد ما على النحو التالي:

                                      أ‌- أن تُصِرَّ على اكتشاف الحقائق الجوهرية الأساسية والضرورية.

                                   ب‌- أن تُطلِقَ صرخة عقليَّة لأجل النور الداخلي، بدافع واحد وهو أن تصبح خادمًا أكثر كفاءة للإنسانية. (وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ: اسْأَلُوا تُعْطَوْا، اُطْلُبُوا تَجِدُوا، اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. (لوقا 11: 9- 10).)

                                   ت‌- أن تنقي وتخلص عقلك من النزوع إلى اعتبار أنَّ القراءة الحرفية هي القراءة الوحيدة الصحيحة والمسموح بها دينيًا.

                                   ث‌- أن تُمارس التأَمل (meditation) لتطوير الإدراك الحدسي/الفطري (intuitive perception) الضروري؛ لاكتشاف الوجوه (أو الطبقات والبطون) (layers) المُتتالية المُنطوية في الوحي المستورة تحت القصص التمثيلية (allegories) الكتابية، والأساطير القديمة، وبعض الحكايات التقليدية.

                                    ج‌- أن تدرُسَ أعمال الأعيان البارزين المُتكلمين باللسان المُقدس.

                                    ح‌- أن تتعلم المفاتيح الرئيسية الكُبرى ومنهجية التأويل (method of interpretation)، وتمرَّن عليها حتى تتقن علم تطبيقها فتصبح ماهرًا في شرح وبسط الكتب المقدسة والأساطير العالمية. ويجب دائمًا أخذ الحيطة والحذر لعدم التأكيد بشكل مبالغ فيه على الدلالة الرمزية المحتملة، ولا قراءة ما ليس موجودًا ضمن السرد أكثر مما هو متأصل فيه أو ما كان موجودًا في عقول الكُتَّاب بالفعل، أي احذر من الشطح وتوهم ما ليس يقول به النص وأن تحمله ما لا يحتمله.

كانت السيدة بلافاتسكي (H. P. Blavatsky) من أبرز العاملين بهذا المنهج في عصرنا. وذلك في كتبها التي تحمل عناوين مناسبة:

·   (إيزيس مكشوفة النقاب): Isis Unveiled.

·   و(العقيدة السرية): The Secret Doctrine.

حيث تعطي المفاتيح التقليدية والعديد من التفسيرات للأمثال العالمية. وقد قدم ج. أ. جاسكل (G. A. Gaskell) مساهمة رائعة في هذا الموضوع من خلال إنتاج:

·   (قاموس اللسان المقدس الخاص بجميع الكتب المقدسة والأساطير): Dictionary of the Sacred Language of All Scriptures and Myths.

ويقدم كتاب فابر دوليفيت (Fabre d’Olivet):

·   (استعادة اللسان العبري): The Hebrew Tongue Restored.

·   و(الإله المجهول): The Unknown God.

لـ ف. ج. مايرز (F. J. Mayers) المفاتيح القبَّاليَّة (Kabbalistic) ويطبقها على سفر التكوين. وكان هذا العمل الذي بين أيدينا يدين بالكثير لهذه الأعمال فقد استفدنا منها كثيرًا.

إنَّ الأدبيات التي صدرت من الأفلاطونيين الجدد في الإسكندرية، خاصة كتابات فيلون (Philo Judaeus، حوالي 30 ق.م إلى 45 م)، الذي أهديت إليه هذا العمل، يعتبر مصدرًا قيِّمًا للمعلومات أيضًا. إذ إنَّ التأويلات التي يقدمها لرموز الكتاب المقدس لهي تأويلات ملفتة وجديرة بالانتباه والملاحظة. إذ يقول إنَّ الحيوانات والطيور والزواحف والأشجار والأماكن المذكورة في الكتاب المقدس ما هي إلَّا قصص تمثيلية (allegories) لأحوالِ النفسِ وقواها وميولِها وأهوائِها وغيرها. والنباتات المفيدة قصص تمثيلية للفضائل، والضارةُ منها رموزًا لأهواءِ الجهلاءِ. وهكذا يجري التعبير عن المملكة المعدنية، والسماء، والأرض، والنجوم؛ وعن الينابيع والأنهار، والحقول والمساكن؛ وعن المعادن والمواد، والأسلحة، والملابس، والحلي، والأثاث، والجسم وأجزاؤه، والجنسين، وظروفنا الخارجية بنفس الطريقة([18]).

وكما ذكرنا سابقًا، جرى تسمية تلاميذ أمونيوس ساكوس بالقياسيين أو «أتباع المُمَاثَلة والمُطابَقة» أو التناظريين بسبب ممارستهم لتأويل الكتب المقدسة والأساطير من خلال قاعدة أو مبدأ التناظر، أي قياس التشبيه (analogy)، والتطابق، أي التوافق والتشابه التناظري (correspondence)، الموجود أيضًا في كل من النظام القبَّالي والفلسفة الباطنية الشرقيَّة. نجد أن العديد من أسفار العهدين القديم والجديد، بعد دراستها بهذه الطريقة، تحتوي على معرفة محفوظة ذات قيمة عظيمة للبشرية؛ لأنه، بالإضافة إلى محتوى الكتاب المقدس من التعاليم الميتافيزيقية (metaphysical) ذات الأهمية العميقة، فهو يشير أيضًا إلى وجود طريق للتطور المُسَرَّع والوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق قوى خاصة تُسخَّر لخدمة البشرية. ومع ذلك، يمكن إساءة استخدام هذه القوى لإلحاق ضرر جسيم بأصحابها والآخرين. لذلك، فإن التعاليم الميتافيزيقية في الكتاب المقدس، كما ذكرنا سابقًا، مكتوبة بلسان القَصص التمثيلي (allegorical) الذي يُخفي، حتى عندما يكشف، المعرفة التي تمنح القوة. لقد أشار السيد المسيح إلى طريق التطور المُسَرَّع هذا بأنه الطريق الضيق (the narrow way) الذي يجري الدخول إليه من الباب الضيق (the strait gate). وقد أشار إشعياء لما أسماه طَّرِيق القَداسَة (The way of holiness). أما الهندوسية فتعلم بالمثل عن (الطريق ذو الحواف الحادة([19])Razor-edged Path) والبوذية عن (الطريق الثماني النبيل Noble Eightfold Path). هذا هو طريق التلمذة (discipleship) والمُسَارَّة (Initiation) الذي يؤدي خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا إلى الخلاص (Salvation)([20])، والموكشا (Moksha)([21])، والنيرفانا (Nirvana)([22]).

وبما أن الحقائق الجوهرية الأساسية والإجراءات والمزالق والأشراك في الطريق الضيق، وكذلك القوى التي يصل إليها أولئك الذين يسلكون فيه، قد وصفها مؤلفو الكتاب المقدس، فإن تأويلات القصص التمثيلية (allegories) الكتابية، من وجهة نظر طريق الكشف (التفتح) المُسرَّع، هي المُدرجة في هذا العمل خاصة. حيث يحتوي المجلد الأول على مقدمة للسان الرمزي وبعض مفاتيح التأويل وبعض الأمثلة لتطبيقها على مقاطع الكتاب المقدس المختلفة. أما في المجلدين الثاني والثالث فيجري تقديم تأويلات لكتاب التكوين (Genesis)، بينما في المجلدات التالية سيجري النظر في معظم أسفار الكتاب المقدس المتبقية بالمِثل.



[1]- القديس بولس وأوريجانوس وغيرهم من آباء الكنيسة الأوائل؛ وقبَّاليو العصر القديم والعصور الوسطى والحديثة؛ والمدرسة الأفلاطونية الجديدة، التي أسسها أمونيوس ساكوس عام 193م، بضمنهم فلاسفة الإسكندرية- كل هؤلاء سعوا إلى تأويل الكتاب المقدس وفقًا لطريقة التمثيل والرمز المنظمة، وبالتالي أطلق عليهم «أتباع المُمَاثَلة والمُطابَقة» أو التناظريين أو القياسيين Analogeticists. كانوا يُدعون بهذا الاسم بسبب ممارستهم لتأويل جميع الأساطير والمرويات والنصوص المقدسة عن طريق قاعدة أو مبدأ التناظر (أي قياس التشبيه) analogy والتطابق (أي التوافق والتشابه التناظري) correspondence. وبذلك، كانت الأحداث التي يُحكى أنها حدثت في العالم الخارجي تُعتبر تعبيرًا عن العمليات والتجارب التي تمر بها النفس البشرية. (The Key to Theosophy, p 2)

[2]- الفلسفة العملية (practical philosophy of life) البحث في الأخلاق بحث إنساني حصراً. وهو يدخل في الاهتمامات الفلسفية الرئيسة، ويُعرف باسم الفلسفة العملية، أو الحكمة. فإذا خُصص لفظ الفلسفة النظرية، أو الفلسفة، بمعنى معرفة الوجود بما هو موجود، كانت الحكمة جزءها العملي أو السلوكي. (الموسوعة العربية)

[3]- مصطلح (Initiate) من اللاتينية (Initiatus). تسمية لأي شخص تم قبوله في جماعة باطنية أو تم الكشف له عن معارف سرية وفلسفة باطنية، راجع الجزء السادس من المجلد الأول. المؤلف. تكاد لا تجد لمُصطلح (Initiation) ترجمة مُتَّفقٌ عليها، إذ نعثر على أكثر من 10 ترجمات مُصطلحية وضعت له في عالمنا العربي، وهي: الطقوس الإدخالية أو طقوس التلقين أو شعائر التلقين أو طقوس المُسَارَّة أو الإدخال الديني أو التنسيب أو التربية الروحية العرفانية الباطنية، أو التلقين أو الاستهلال أو المُسَارَرَة أو البدء أو التنشئة الروحية. ويُفهم من المُصطلح في معناه الغربي أنَّه يُشير إلى طقوس تُقام بمناسبة الدخول أو القبول أو البدء في مجموعة أو مجتمع. وهي طقوس تلقين الأسرار (Initiation Rituales)‏ والتي كانت تجري قديمًا عندما يشرع الصبيان باجتياز عمرهم نحو مراحل الشباب والرجولة وكانت تجري أيضا لتهيئة بعض الكهنة العاديين إلى مراتب کهنوتية سرية تجعل منهم سحرة أو عرافين أو منجمين. (راجع مقالتنا طقوس إدخالية على ويكيبيديا بجميع مراجعها) وبالنسبة للمعرب، ومن خلال بحثه الخاص واستعانته بالمنهج القصدي في الترجمة للأستاذ عالم سبيط النيلي، يرى بحثه أنَّ دلالة مُصطلح (Initiation) هي نفسها الاسم العربي (النِّيْشَان) وجمعه (النَّيَاشِيْن) وهي التي تُقدم بصورة خاصة بوصفها أعلى تكريم إلى الأبطال الذين فعلوا أعمالًا بطولية عظيمة في الحرب (راجع الموسوعة العربية العالمية). وفي المغربية العامية يعني (المُباشرة)، وهذه هي الدلالة الأصلية إذ إنَّ المُريد السالك قد وصل لمرحلة تلقي المعرفة الإلهية مُباشرة بلا واسطة. وبالعراقي النيشان هو جهاز العروس التي ستدخل مرحلة جديدة من حياتها، وهو عين ما يقصده المُصطلح (Initiation - نِيْشَان) إذ المُريد السالك قد حصل له الاستعداد الذي يؤهله لتلقي المعرفة الحدسية المُباشرة أو العلم اللدني أو العلم الحضوري الذي يكون بلا واسطة وهي معرفة ما وراء العقل أي المعرفة القلبية. والنيشان هو أن تُباشر الهدف بالتصويب بلا عائق، أي قد حددت هدفك مباشرة. وبما أن هذه المعرفة تُعطى بسرية وتُنقل بسرية وتُهمس همسًا وتقذف في القلب ومستورة ومحجوبة، فإنَّنا سنستخدم المُصطلح التراثي (المُسَارَّة) وما يُشتق منها للتعبير عن معنى مُصطلح (Initiation). فللجمع (مُسَارَرُونَ - مُسَارَرِينَ) لمن أُسِرَّتْ إليهم الأسرار، و(المُسَارِرِينَ – المُسَارِرُونَ) الذين يُسِرُّون لغيرهم الأسرارَ، وهكذا. المُعرِّب

[4]- يُشير مُصطلح (involution)، الذي هو تطور هابط، إلى انطواء الطاقة الكونية على ذاتها لتصير مادة، ويعد هذا التطور تحولًا من اللطافة إلى الكثافة. تُقر مبادئ الحكمة أنَّ الموناد، وهي الطاقة الكونية الحية، تتغلَّف أكثر فأكثر لتصبح المادة الكثيفة، وأنَّ الجسم الفيزيقي، أيًّا كان، يُشكل الغطاء الخارجي الكثيف. هكذا يؤدي التطور الهابط من الأكثر لطافة إلى الأكثر كثافة، إلى انغلاق أو انثناء الروح أو الطاقة الكونية الحية التي تظل حية رغم انغلاقها وانطوائها على ذاتها (involution). ويشير مصطلح (evolution) الذي هو تطور صاعد إلى انفتاح هذه الطاقة المنثنية على ذاتها من خلال تطور صاعد من الكثافة إلى اللطافة، بفعل حرية داخلية تهدف إلى انعتاق الطاقة من غلافها أو أغلفتها. (ندره اليازجي، مجلة المعرفة السورية، العدد 457، ص 78)

[5]- «عقدة أوديب» Oedipus complex: نسبة إلى أوديب الملك الذي عاش في أساطير الإغريق وقتل أبيه دون أن يعرف أنه أبيه، وتزوج أمه دون أن يعرف أنها أمه وأنجب منها طفلتين فلما علم بحقيقة الأمر فقأ عينيه وشنقت أمه نفسها. راجع: العقد النفسية .. تحليل نفسي، ص 17.

[6]- عقب أخيل أو كعب أخيل (Achilles’Heel): هو مصطلح يشير إلى نقطة ضعف مميتة على الرغم من كل القوة التي يمتلكها الشخص، والتي إن أصيبت تؤدي إلى سقوطه بالكامل. (ويكيبيديا)؛ وللتوسع في فهم مصطلح (vulnerability)، اقرأ ما على الرابط التالي: محمد عناني.

[7]- نماذج بدئية رمزية (symbolic archetypes).

[8]- للتعمق في فهم دلالة مصطلح "interpretation"، يُرجى قراءة كتاب (فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر). المُعرب

[9]- حيث إنَّ هذه الرموز تتضمن معاني روحية لعقيدة باطنية ما، فإنَّ ثبات هذه المعاني واستقرارها يكشف عن ثبات واستقرار هذه العقيدة، فكلاهما واحد في نهاية المطاف. المُعرب

[10]- (superstitions and magical practices).

[11]- (personification) هو إضفاء الصفات البشرية على شيء ما أو على مفهوم تجريدي. (قاموس أطلس الموسوعي، ص 938)

[12]- المشكلة الأولى التي يشير إليها المؤلف هي أن بعض الناس يخلطون بين الحجب (التمثيلات الرمزية) والحقائق التي تخفيها وتكشفها في الوقت نفسه هذه التمثيلات. بمعنى آخر، يقرؤون التمثيلات الرمزية بشكل حرفي بدلاً من البحث عن المعاني العميقة التي تقصدها، ويشير إلى أن أحد الأخطاء الشائعة هو عدم التمييز بين الرمز (الحجاب) والمعنى العميق (الحقيقة) الذي يخفيه ويكشفه الرمز في آن واحد. لفهم النصوص الدينية بشكل صحيح، يجب البحث عن المعاني العميقة وراء الرموز والتمثيلات بدلاً من أخذها حرفياً. المُعرب

[13]- مُصطلح (ex cathedra) يشير إلى التصريحات الرسمية والمعصومة من الخطأ التي يصدرها البابا بصفته رأس الكنيسة الكاثوليكية، ويعني حرفيا (من الكرسي)، أي الأمر الذي يصدر من الكرسي البابوي الذي فيه إعلان ما، وهو ما يُشبه لدينا (فتوى المرجع الأعلى أو المؤسسة الدينة) والحكم بخلود الناس في النار وهذا اللعب والهراء المحض ولعب دور الألوهية وإقصاء الله والحكم باسمه!، وهذا داء وبلاء ومرض سرطاني إبليسي شيطاني المنشأ لا ريب في ذلك تجده في كل أمة لها دين ونحو ذلك. المعرب

[14]- وعندنا (التكفير والتفسيق والإخراج من الدين أو المذهب!) وهذه المشاكل هي نفسها في عالمنا الإسلامي وما من أمة ذات دين وكتاب مقدس إلا وتعاني من نفس هذه المشاكل. المُعرب

[15]- رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي 1: 27.

[16]- ننوه إلى أن المؤلف يعتبر المسيح قوة إلهية كامنة في جميع بني البشر يمكن تفعيلها وتسخيرها بممارسات يُذكر بعضها في هذا الكتاب، وليس المسيح ربًّا أو إلهًا أو ابن الله فهذا لا يقول به، وإن قال به فإنه يعني مفهومًا مختلفًا تمامًا عن المعنى الحرفي. المعرب

[17]- بلا شك بدوافع سامية ومن منطلق مراعاة الرفاه الروحي للشعب.

[18]- Dictionary of Christian Biography.

[19]- أو الطريق الذي يشبه حد الموسى " the Razor-edged Path"، وهو نفس الطريق المضروب على جهنم الذي هو كحد شفرة السيف، والذي من يجتازه يصل الجنة (أول حالة من حالات الوعي المتعالي)، فكما قال يونغ: الطريق إلى الجنة يمر في جهنم!. المعرب

[20]- الخلاص: التحقق أو الوعي بالوحدة الإلهية (المسيحية).

[21]- الموكشا: هو التحررُ منْ وهمِ الانفصالِ الذاتِي. (الهندوسية).

[22]- النيرفانا: الاستغراق الواعي في الحياةِ الواحدةِ للكونِ أو الوعيِ المطلقِ. (البوذية).

تعليقات

مواضيع المقالة