القائمة الرئيسية

الصفحات

 الفصل الثاني: أربعة مفاتيح رئيسة

 


 

المفتاح الأول: أنَّ كُلَّ شيءٍ يَحْدُثُ في داخلنا

سنقدم في هذا الفصل أربعة مفاتيح يُمكن بها تأويل القصص التمثيلية الواردة في الكتب المقدس، وأيضًا، القصص الواردة في التراث الروحي لجميع الأمم، بالإضافة إلى تأويل الرموز أيضًا. وهذه المفاتيح الأربعة مأخوذة من بين سبعة مفاتيح محتملة للتأويل.

ونبدأ بالمفتاح الأول الذي ينص على أنَّ جميع الأحداث التي ذُكرت في الكتب المُقدسة، والتي يُقطع بوقوعها خارج كيان الإنسان، والتي يُزعم أنها تاريخية، أنَّها كما تحدث في الخارج فهي كذلك تحدث في الداخل، داخل كل إنسان. إنَّها تحدث في داخل كيان كُلٍّ من الأعراق والأُممِ والأفراد على حدٍّ سواء. حيث إنَّ كُلَّ حدثٍ مُسجَّلٍ ما هو إلَّا وصفٌ لتجربةٍ ذاتيَّةٍ إنسانية. ولهذا التطبيق شقين في الأساس، الأول يشير إلى مجموع خبرات وإنجازات الأعراق والأفراد الذين يترقون بالنهج التطوري الطبيعي والتدريجي، والثاني يشير أيضًا إلى مجموع خبرات وإنجازات الأفراد الذين يسلكون في «طريق القداسة».

وهنا، أصبحت الحاجة لستر وحجب وتعمية المعارف السحرية والباطنية بالقصة التمثيلية والرمز ضروريًّا خصوصًا فيما يتعلق بهذين التطبيقين الأخيرين؛ لأنه في مراحل مبكرة من التطور الروحي، يشهد الأفراد زيادة في قوتهم الإرادية وقدراتهم العقلية بينما ينطلقون في مسار النمو والتحول السريع. ويلاحظ الأفراد تحسناً في قدرتهم على التركيز ووضوح الفكر، وقدرتهم على السيطرة على أفكارهم وأفعالهم. إن الاكتشاف المبكر لهذه القدرات الفائقة، وتوظيفها لأغراض شخصية وتدميرية بحتة، يمكن أن يكون ضارًا للغاية لكل من أولئك الذين يسيئون استخدامها ولإخوانهم من البشر أيضًا.

ويبدو أن الرسول بولس قد قبل هذا التأويل الباطني الأول، أي المفتاح الأول؛ فبالنسبة له، لم يكن ميلاد المسيح، على سبيل المثال، مجرد حدث خاص وقع في وقت معين في بيت لحم، أي حدث تاريخي، بل حدث روحي داخلي. وعلى نفس المنوال، فإنَّ روايات البشارة، والحَبَل بلا دنس، وميلاد المسيح تصف وتُصور بأُسلوبِ القصص التمثيلي اليقظة التدريجيَّة للقُدرات الروحية الفائقة: من إدراكٍ وإحساسٍ، وسُلوكٍ وأعمالٍ، وتحقيق وإنجاز، أي اليقظة التدريجية في الفعَّاليَّة الإدراكيَّة والواعية داخل نفس الإنسان المُتطور. وما حضور المسيح المحض على الأرض، وكذلك أعماله، بالنسبة لبولس، إلَّا انعكاسات لليقظة الداخلية والنشاط والكمال لقوة وطبيعة المسيح المتأصلة والفادية داخل الإنسان – أي اللوغوس الخاص بالنفس. وهكذا كتب: «... أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضًا إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ.» و«الَّذِينَ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ مَا هُوَ غِنَى مَجْدِ هذَا السِّرِّ فِي الأُمَمِ، الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ الْمَجْدِ.»

وهكذا، فعندما يقرأ طالبُ الكتابِ المقدسِ الرواياتَ العظيمةَ وهو يحمل هذا المفتاح في يده، يمكنه حينئذٍ أن يشارك بوعي في الاختبارات المذكورة فيها. إذ يستطيع أن يصعد الجبل مع إبراهيم وموسى وإيليا ويسوع، وبقدر بسيط في البداية، يبدأ بالاقتباس من نورهم ليتنور داخليًّا. ويمكنه السير مع التلميذين العابسين في الطريق إلى عمواس، والاستماع إلى الكلمات الحكيمة لرفيقهما المجهول مؤقتًا (يسوع). ومعهم، عند كسر الخبز، يمكنه أن يختبر ذلك النور الداخلي الذي جاء عندما «انفتحت أعينهم وعرفوه...»، وهذا بالفعل هو جزء من نية المؤلفين الملهمين([1]). ولكن عندما يدرس المرء الكتب المقدسة في العالم، يجب عليه أن يقرأ بشكل حدسي دقيق، وحساس لطيف، وعقله منفتح ومستجيب لذلك الوعي الواسع الذي غالبًا ما يبدو أنه ينتظر الانبثاق.

المفتاح الثاني: الناسُ تشخيصٌ للصفات الإنسانية([2])

المفتاح الثاني هو أنَّ كلَّ شخصٍ من الشُّخُوص الذين جرى عرضهم في القصص يُمثِّلُ حالة من حالات الوعي وصِفة، سجية، طبع، سِمة، من صفات الشخصيَّة. وإنَّ جميع الممثلين هم تجسيد وتشخيص لوجه أو جانب من وجوه أو جوانب الطبيعة البشرية، وسمات وخصائص ومبادئ وقوى وملكات وقُدرات وحُدود الإنسان، بالإضافة إلى نقاط ضعفه وأخطائه.

فعندما يكون الأبطال في القصص بشرًا خُلَّصًا، حينها يجري وصف حياة شخصٍ في مرحلة عادية من التطور والترقي المُرتبط بالزمن([3]). ولكن عندما يكون البطل شبه إلهي، أي مُتألِّهًا، فيكون التركيز على عملية تقدم وتطوُّر الذات الإلهية في الإنسان بعد أن شرع في تولي القوة المهيمنة([4]). وعندما تكون الشخصية المركزية أفاتارًا، أي صورة أو هيئة متجسدة، أو «نسْلًا مُنحدرًا» لجانب من جوانب الإله، فإن تجاربه تروي تجارب الذات الروحية خلال المراحل اللاحقة من تطور وترقي الإلهي في الإنسان إلى مرتبة الرجولة، الشجاعة، الذكورة التامَّة. هذا هو الهدف والغرض العام، وهذا هو الأسلوب والطريقة، الذي تغياه واتبعه الكتبة القدماء لقصِّ قصص العالم الخالدة.

يشير الإله أو الأب، بشكل عام، إلى الجوهر الروحي الأسمى في الإنسان، أي الشرارة الرَّبَّانيَّة، والجرثومة-البِذرة الخالدة، أي لوغوس النفس الصاعدة، الكامن في أقصى الأعماق، أي الموناد (الجوهر الفرد أو الوحدة الأساسية للحياة). وهذا صحيح بشكل خاص حيث إنَّه يُشارُ ضمنيًا إلى الرب الأعلى والأبدي في طبيعته العالميَّة كلوغوس شمسي.

إنَّ التحقير والتضليل المأساوي الذي أُلحِقَ بعبارة «أنا هو الذي أنا» يهوه، الإله الأسمى والأعلى في التوراة، حيث أُهبِطَ من هذه المنزلة الرفيعة إلى مُجرد إله قبليٍّ، وأحيانًا، إلهًا غاضبًا مُتعطِّشًا لسفك الدماء وغيور- حدث، بحسب بعض المؤلفين، إبَّان عملية جمع وترميم أسفار بني إسرائيل من قبل عِزرا بعد أن أُتلِفَت من قبل. ويُعتبر المصدر الأسمى أو الأعلى، المشار إليه باسم «الله» و«روح الله»، أنَّه يتجاوز ويعلو على كل الأمور الكونية والإلهية. إن تحديد الواحد غير المخلوق ليصبح الإله الشخصي لقبيلة واحدة قد أدى إلى الكثير من الارتباك والتدهور المروع لفكرة الإله الأسمى المُتعالي.

إنَّ «الواحد الأبدي»، في أي سرد يرد ذكره، يُمكن تأويله بوصفه رمزًا للجوهر الفرد في الإنسان، وأيضًا كرمز للروح الكلية أو الشاملة لعِرقٍ بعينه. ويشير تعبير «حضن إبراهيم» إلى حالة الوعي التي يسكن فيها الجوهر الفرد للإنسان بشكل دائم، وهي الحالة التي يمكن للنفس الروحية أو الأنا الخالدة أن تبلغها وتُحرزها بشكل طبيعي في نهاية المطاف.

أولئك الذين يسلكون طريق التنوير الروحي يسعون إلى تسريع تحقيق هذا الوعي الكامل في حياتهم اليومية، بدءاً من إدراك طبيعتهم الإلهية والخالدة، وصولاً إلى تحقيق وحدتهم الدائمة مع الرب الأعلى. أي يُحاولون أن يجعلوا وعي الدماغ يتحقق بهذا الوعي العالي.

إن الاعتراف الكامل بوحدة الإنسان مع الرب، ووحدانية الإنسان-الروح مع الرب-الروح، هو الهدف النهائي لكل من يبحث عن «الباب الضيق» ويدخل إلى «الطريق الضيق».

في الهندوسية، تسمى هذه الحالة موكشا أو التحرر؛ وفي البوذية، السكينة أو الاستغراق/التركيز الواعي؛ وفي المسيحية الخلاص، والصعود، والتحقق بالمسيح([5])، وحالة «من تحمله الملائكة إلى حضن إبراهيم». ورمز التلميذ يوحنا المتكئ على حضن يسوع قابل لتأويل مماثل. وهكذا فإن إبراهيم، مثل العديد من الأشخاص الآخرين في الكتاب المقدس، يجسد مبدأ من مبادئ الإنسان وحالة من حالات الوعي.

تُعتبر الشخصيات: الإلهية، وشبه الإلهية، والأبوية والبشرية، ضمن دراسة الكتاب المقدس بهذه الطريقة، كتجسيد وتشخيصٍ لمبادئ وقوى الطبيعة بوصفها تُمثل العالم الكبير، وأيضًا، كتجسيد لمبادئ وقوى الإنسان بوصفه يُمثل العالم الصغير.

ونُلاحظ أنَّ هناك نماذج مما كتب القديس بُولُس تؤيد هذه القراءة وتدعمها، إذ يقول: «... فهذه الأمور عرضت لهم رُمُوزًا/أمثلةً وكُتبت لموعظتنا...» و«... مكتوب إنَّه كان لإبراهيم ابنان، أحدهما من الأَمَةِ والآخر من الحُرَّةِ... وُلِدَ الذي من الحُرَّة بقوة الموعِدِ... وذلك إنَّما هو تمثيلٌ/رمزٌ...»، وهكذا، فمن المعقول أن نفترض أن هذه النظرية، أي اعتبار الأحداث في الكتاب المقدس كأمثال ورموز، قد تصدق أيضًا على العديد من أجزاء الكتاب المقدس الأخرى إذا ما طبقناها عليها. بل يمكن للمرء أن يذهب إلى أبعد من ذلك ويؤكد أن ممارسة دراسة الكتب المقدسة في العالم من حيث معناها الحرفي، ومن حيث اعتبارها سجلات للأحداث التاريخية الفعلية فحسب، يمكن أن يؤدي بالعقل للوقوع في فوضى وتشوش وارتباك.

أعتقد أنه يجب تصحيح ثلاث أخطاء أخرى في المسيحية الحديثة بشكل عاجل. هذه الأخطاء هي: التدهور المذكور بالفعل لمفهوم الألوهية وإنزاله إلى مستوى إله قبلي بدلاً من كونه منشِئًا وخالقًا للكون وتجسيدًا للحياة غير المُشخصة والقانون والذكاء؛ والإصرار بالاعتماد الكامل على قوة خارجية للخلاص بدلاً من الاعتراف (بالقوة الداخلية)؛ وبناء نظام قائم على عقائد لاهوتية غير قابلة للتصديق. ويبدو أن مؤلف سفر الأمثال، الذي كتب: «المثل في فم الجُهَّالِ كشوكٍ في يدِ سكرانٍ» كان يعبر عن وجهة نظر مشابهة لوجهة نظرنا.

إنَّ تمييز وإدراك القصد الباطني الصوفي ومعنى النصوص المقدسة، الكتاب المقدس تحديدًا، كفيل بأن يُنحي كل هذه الصعوبات التي تعترض فهمها، وأيضًا، يمنحنا إلهامًا روحيا ينسجم ويتسق مع العقل.

وهكذا فإنَّ الشخصيات التي ذكرت في النصوص الدينية، مثل مريم أم يسوع، ومريم المجدلية، وبطرس، ومارثا، تحمل صفاتًا وأبعادًا روحية ونفسية متنوعة تعبر عن جوانب مختلفة من الطبيعة البشرية وأنماط الحياة.

فمثلًا مريم أم يسوع: تمثل التواضع والتفاني والحب غير الأناني. ومريم المجدلية: تعكس الضعف البشري والقداسة المتأصلة في الإنسان، رغم الأخطاء التي قد يرتكبها. وبطرس: يرمز إلى الإنسانية بكل ضعفها وقدرتها على السمو الروحي. ومارثا: تمثل الجانب النشط والعملي من الحياة. ومريم الأخرى (أخت مارثا): تجسد الجانب الروحي التأملي الذي يعتبر أكثر قيمة.

إنَّ هذه الصفات موجودة داخل كل إنسان، وأن الظروف الحياتية تبرز أحيانًا جانبًا معينًا من هذه الصفات في أوقات مختلفة. بمعنى آخر، نحن جميعًا نملك في داخلنا عناصر من هذه الشخصيات، والظروف التي نمر بها تجعل بعض هذه الجوانب تظهر على السطح بشكل أوضح في أوقات معينة.

ويُجسِّد التلاميذ الاثني عشر ليسوع، من خلال تصنيفهم إلى اثني عشر فردًا، مظاهرًا مصغّرة لصفات الأبراج الفلكية. هذه الفكرة تربط بين التلاميذ وعلم الفلك الرمزي، حيث كل تلميذ يعكس جانبًا معينًا من السمات المرتبطة بعلامة برج معينة. حيث يمثل تلاميذ يسوع الاثني عشر تجسيدات صغيرة (مكروكوزموسية) لخصائص علامات الأبراج. أمَّا قُرب التلاميذ من المعلم (يسوع) فيُشيرُ إلى أنَّ كمالهم الروحي وصل إلى مرحلة متقدمة. بعبارة أخرى، إنَّ التلاميذ ليسوا مجرد شخصيات تاريخية، بل يجسدون سمات إنسانية وروحية متنوعة تتوافق مع الأبراج، وأن تطورهم الروحي ونضوجهم كان كبيراً بحيث أصبحوا قريبين جداً من المعلم، مما يعكس تقدمهم في مسار الكمال الروحي.

ومن الناحية التمثيلية، فالتلاميذ الاثني عشر، من خلال عملية تنقية روحية، أصبحوا قادرين على العمل مع يسوع، الذي هو تمثيل رمزي للشمس من الناحية الكونية (المصدر الكوني للطاقة والحياة) والوحدة الروحية أو الموناد من الناحية الصغروية (الجوهر الإلهي داخل كل إنسان). هذه العملية تهدف إلى تحقيق تنمية كاملة لقوى القلب والعقل والروح لدى جميع الأفراد. بعبارة أخرى، الهدف النهائي هو تحقيق الكمال الروحي والنفسي من خلال التطور والتعاون الروحي.

ويستطيع الفرد الوصول إلى مستوى عالٍ من الوعي الروحي والفهم العميق للحكمة الإلهية التي يمثلها المعلم فقط عندما يقوم بتنمية الصفات الاثني عشر المرتبطة بالأبراج بداخله. هذا يعني أن كل صفة أو سمة تحتاج إلى التدريب والتنقية (التأديب) لتصبح تلميذًا روحيًا، وهو ما يُمكن الشخص من الاستجابة لإرادته الداخلية والفهم العميق للحكمة التي يمثلها المعلم. بمعنى آخر، لكي يصل الإنسان إلى الحكمة الحقيقية ويستجيب بشكل كامل لدوافعه الروحية، يجب عليه أن يعمل على تطوير وتنقية كل جانب من جوانب شخصيته، كما يرمز لها الأبراج الاثني عشر، من خلال التدريب الروحي والانضباط.

في كتابه الرائع، قاموس اللسان المقدس لجميع الكتب المقدسة والأساطير، الذي أوصي به بشدة كل طالب في هذا الموضوع([6])، لا يقدم ج. أ. جاسكل التصنيف الفلكي للأبراج الذي يفضله بعض الطلاب، بل يقدم قائمة باثنتي عشرة صفة تأديبية. هذه الصفات هي نوع من الخصائص التي يجب على الشخص تطويرها أو التحلي بها، وهي:

الشجاعة والقوة - فيليب.

المثابرة - برثولماوس.

السعي إلى الحقيقة الفكرية - توما.

التواضع وقابلية التلقي - يعقوب بن حلفى.

الوداعة والانتباه - سمعان القانوي.

سعة الأفق - يهوذا أخو يعقوب.

التفكير النقدي المدروس - متى.

الحكمة - يهوذا الإسخريوطي.

كل واحدة من هذه الصفات تعتبر مهمة في عملية التأديب الروحي والفكري، وتساعد في تطوير الشخصية بشكل متكامل ومتوازن. ولكن وصف الإنسان لا يكتمل إلا بإضافة عنصر «حضور المسيح وقوته» إلى باقي صفاته، وهذه الصفة الثانية عشرة، سواء كان نائما، مستيقظا، مولودًا، أو مكتمل النمو.

حضور المسيح وقوته: يُشير إلى تأثير المسيح الروحي على الإنسان، بما في ذلك وجوده الإلهي وقدرته على التأثير على حياة الفرد. أما عبارات (نائم، مستيقظ، مولود، مكتمل النمو) فتصف درجات مختلفة من قوة تأثير المسيح على الإنسان: نائم: يعني أن الشخص لم يكتشف بعد تأثير المسيح في حياته. مستيقظ: يشير إلى مرحلة يبدأ فيها الشخص بالوعي لتعاليم المسيح وأثرها. يولد: يدل على بدء اكتشافه هذه التعاليم وأثرها وبدء رحلته الروحية. مكتمل النمو: تعبر عن أعلى مستوى لتأثير المسيح، حيث يتصرف الشخص وفقًا لتعاليمه ويجسد صفاته.

التفاعل بين مختلف جوانب الطبيعة الإنسانية، والتأثيرات التي تنتج عنها، والزيادة أو النقصان في واحدة أو أكثر منها في أوقات مختلفة وفي حياة الأفراد المختلفين، والظهور التدريجي والمنتصر والسيطرة على الذات الروحية الملكية، الذات الخالدة داخل الإنسان، وهو البطل في كل حكاية- كل هذا يصوره مؤلفوا كتب العالم المُقدسة في كتبهم والذين هُم مكتملوا التنشئة والتربية الروحية.

وهكذا، فإن الروايات نفسها تصف التجارب - وخاصة الاختبارات والمحن والهزائم والانتصارات - لشخص واحد، وهو الإنسان نفسه. تصف المآثر الناجحة والإنجازات الداخلية، في حين أن الإخفاقات الجزئية والكاملة والهزائم والاستسلامات هي تمثيل رمزي لانتصارات مؤقتة للإنساني البحت على الإلهي في الإنسان، أي انتصارات المادة على الروح.

بشكل عام، إن تطور الروح البشرية نحو الكمال يمثل رحلة مليئة بالتجارب والتحديات. هذه التجارب تُروى كمغامرات تجريبية لعدد من الأشخاص داخل إطار واحد، أي قصة الحياة الروحية الشاملة. كل إنسان يمثل شخصًا في هذه القصة، وتجاربه الفريدة تسهم في بناء وتطور هذه القصة الروحية. حيث يتم سرد التجارب المتعددة للذات الخالدة للإنسان في رحلتها نحو الكمال كمغامرات لعدد من الأشخاص في القصة الواحدة.

فمثلا إن أعمال هرقل، ورحلة المغامرين، ورحلات بني إسرائيل وتجاربهم، وحياة الرب شري كريشنا والسيد المسيح، من بين أمور أخرى كثيرة، كلها وصفية بطريقة رمزية لرحلة الروح وما مرت به من تجارب نفسية وفكرية وروحية في تلك الرحلة. أي إنَّ أعمال هرقل، ورحلة الأرجونت (Argonauts)، ورحلات وتجارب بني إسرائيل، وحياة الرب شري كريشنا والرب المسيح، كلها تُصور بشكل رمزي وتشبيهي رحلة الروح والتجارب النفسية والفكرية والروحية التي تمر بها في هذه الرحلة. ويظهر أن هذه القصص الشهيرة تُستخدم بشكل رمزي لتوضيح مراحل وتجارب رحلة الروح والتطور الروحي الذي يمر به الإنسان. كل قصة تعكس تجارب مختلفة ومراحل في النمو والتحول الروحي، وتقدم دروسًا في الصبر والتسامح والتطور الروحي.

المفتاح الثالث: القصصُ تُعَبِّرُ دراميًّا عن مراحل تطور الإنسان

المفتاح الثالث هو أن كل قصة تعتبر بالتالي وصفًا تصويريًّا دقيقًا وتفصيليًّا لتجارب النفس البشرية وهي تمر عبر المراحل المختلفة أثناء رحلتها التطورية نحو «الأرض الموعودة»، أو الوعي الكوني، والذي يُعتبر الهدف والذِّروة التي يمكن للإنسان بلوغها واحرازها.

ويمكن دائما تمييز القصص التمثيلية الرمزية المُلهِمَة عن مجرد الروايات والسير الذاتية بعدة خصائص، أحدها هو الظهور المفاجئ للعناصر الماورائيَّة والكائنات الملائكية والإلهية، بل وحتى الإله نفسه، في القصة. وفي أيِّ قصَّةٍ ترد مثل هذه العناصر فيجب أن يخطر على البال بأنَّه من المُحتمل أن يكون هاهُنا وحيّ محفوظ بخفاء. وعندئذٍ، يُمكن للقارئ الذي يمتلك المفاتيح كشف وقراءة الرموز المخفية وفهم المعاني العميقة وراءها للوصول إلى الحكمة المخفية والكشف عن الأبعاد العميقة للقصة.

إنَّ إحدى الطرق أو المفاتيح التي يجب تطبيقها عند تحليل القصة لفهما، هو النظر إلى الشخصيات المختلفة في القصة، التي تظهر بشكل بارزٍ، على أنها تمثل قوى أو صفات أو خصائص معينة موجودة في كل إنسان، كما قد قيل من قبل. حيث إنَّ كل شخصية ترمز إلى قوة أو صفة أو خاصية معينة يمكن أن تكون موجودة في كل فرد. ويجب النظر إلى الشخصيات الرئيسية على أنها تجسيد لصفات وقوى موجودة في الإنسان بشكل عام. إنَّ هذا الفهم يساعد على كشف الرسائل العميقة والمعاني الرمزية في القصة.

إنَّ الصفات والقوى التي تمثلها الشخصيات في القصص الملهمة يمكن أن تكون في حالات مختلفة وفقًا لطبيعة وتطور الشخص الذي يتم وصفه. إذ إنَّ بعض الصفات قد لا تكون موجودة على الإطلاق في الشخصية. وبعض الصفات قد تكون في مرحلة النمو أو التطور، أو قد تكون في طور الشفاء والتحسن. وبعض الصفات قد تكون قوية ومسيطرة في الشخصية. وإنَّ حالة هذه الصفات تعتمد على طبيعة الشخص ومستوى تطوره. هذه الحالات المختلفة تعكس تطور الإنسان وكيفية تغير صفاته وقواه عبر مراحل حياته المختلفة.

يُمكن دراسة القصص من منظورين مختلفين بهذا التأويل/المفتاح الثالث:

المنظور الأول هو من خلال التجربة التطورية الطبيعية والحالات العقلية والعاطفية المعتادة. بمعنى النظر إلى القصص باعتبارها تعبيرات عن تجارب الحياة اليومية والتطور النفسي والعاطفي العادي الذي يمر به الفرد.

أما المنظور الثاني فهو من خلال النظر إلى القصص المقدسة كتمثيل رمزي تصف بشكل خاص تجارب أولئك الذين يسلكون الطريق الروحي الصعب والضيق الذي يؤدي بسرعة إلى «ولادة» وعي المسيح في الإنسان ومن ثم إلى تحقيق كامل لهذا الوعي والقوة. وباختصار، أن كل قصة يمكن فهمها كجزء من التجربة الإنسانية العامة، أو كرمز لتجربة روحية عميقة تخص الأشخاص الذين يسعون لتحقيق مستوى أعلى من الوعي الروحي والقدرة الروحية.

ففي مَثل الزارع([7])، تمثل الحالات المختلفة للأرض مراحل تطورية متنوعة وحالات من الاستعداد الروحي للبشرية والفرد. تتراوح هذه الحالات من عدم الاستجابة الكاملة (الأرض الصخرية) إلى الإدراك الكامل والتقبل (الأرض الخصبة). بمعنى آخر، الأرض الصخرية ترمز إلى عدم الاستجابة الكاملة، حيث لا يمكن للبذور أن تنمو لأن الأرض غير مهيأة لاستقبالها. هذا يعبر عن الأفراد أو المراحل في التطور البشري التي تفتقر إلى الاستعداد أو الانفتاح لتلقي الرسائل الروحية أو الأفكار الجديدة. والأرض الخصبة تمثل الحالة المثلى من الاستعداد الروحي، حيث تكون الأرض قادرة على استقبال البذور وإنباتها، مما يؤدي إلى النمو والإثمار. هذه الحالة تعبر عن الأفراد أو المراحل التي يكون فيها الشخص أو المجتمع جاهزًا لقبول الرسائل الروحية وفهمها وتطبيقها بشكل كامل.

وفي مَثل العذارى العشر، يمكن اعتبار العذارى الجاهلات كأولئك الذين لم يتطوروا بعد بما يكفي ليتمكنوا من الاستجابة للدوافع النازلة من ذاتهم العليا (العريس). بمعنى آخر، العذارى الجاهلات يرمزن إلى الأفراد الذين لم يصلوا إلى مستوى كافٍ من التطور الروحي والوعي الذاتي. هؤلاء الأفراد لم يستعدوا بالشكل المناسب لاستقبال وتلبية الإرشادات أو الدوافع التي تأتي من ذواتهم العليا. أمَّا العريس فيرمز إلى الذات العليا أو المستوى الروحي الأعلى الذي يجب على الفرد السعي للوصول إليه.

ومن ناحية أخرى، يمكن تفسير العذارى الحكيمات على أنهن يجسدن كل أولئك الذين حققوا درجة كبيرة من النمو الروحي، حيث أن الذات الروحية لديهم قد تطورت بشكل ملحوظ، والطبيعة الخارجية الجسدية لديهم قد تطورت بما يكفي لتكون واعية لهذا الواقع، وتعبّر في سلوكهم اليومي عن المثاليات العليا وثمار التجارب الروحية.

فالعذارى الحكيمات يرمزن إلى الأفراد الذين بلغوا مستوى عالٍ من التطور الروحي. هؤلاء الأفراد لديهم وعي ذاتي عميق وقدرة على استيعاب الدوافع الروحية وتجسيدها في حياتهم اليومية. والوعي الروحي والسلوك اليومي حيث العذارى الحكيمات يمثلن التوازن بين الوعي الروحي العميق والتطبيق العملي لهذا الوعي في الحياة اليومية. باختصار، العذارى الحكيمات في هذا المثل يرمزن إلى الأشخاص الذين ليس فقط أدركوا تطورهم الروحي ولكن أيضًا استطاعوا دمج هذا الإدراك في سلوكهم وأفعالهم اليومية، مظهرين بذلك مثالياتهم العليا والتجارب الروحية التي مروا بها.

ومن خلال هذا التأويل، يُظهر المثل الفجوة بين الأفراد الذين هم في مراحل تطور روحي مختلفة. العذارى الحكيمات، اللاتي أعددن الزيت لمصابيحهن، يمثلن الأفراد الذين استعدوا روحياً ويمكنهم الاستجابة للدوافع والإرشادات الروحية. بالمقابل، العذارى الجاهلات يرمزن إلى الأفراد الذين لم يطوروا هذا الاستعداد بعد، وبالتالي غير قادرين على التواصل أو الاستجابة بفعالية لذواتهم العليا.

يلي ذلك التنوير التدريجي للعقل والدماغ بواسطة الذات أو الأنا (الخِطبة)، مما يؤدي إلى اندماج الطبيعتيْن الخالدة والفانية (الزواج). بمعنى آخر، التنوير التدريجي للعقل والدماغ يشير إلى عملية نمو الوعي والتبصر حيث تبدأ الذات الروحية (Ego) بتوجيه العقل والدماغ، مما يؤدي إلى زيادة الفهم والإدراك الروحي. والخِطبة ترمز إلى بداية هذا الاتصال العميق بين الذات الروحية والفكر الواعي. إنها المرحلة التي يبدأ فيها العقل والدماغ في استقبال تأثيرات الذات الروحية. والاندماج (الزواج) يمثل الاتحاد الكامل بين الطبيعة الخالدة (الذات الروحية) والطبيعة الفانية (الجسد والعقل المادي). هذا الاندماج يرمز إلى تحقيق التوازن والوحدة بين الجوانب الروحية والمادية للإنسان. باختصار، التنوير التدريجي للعقل والدماغ بواسطة الذات يؤدي إلى مرحلة من الاندماج الكامل بين الجوانب الروحية والمادية، ممثلة بالزواج، حيث يعيش الإنسان في وعي كامل ومتوازن يجمع بين الطبيعتين.

يمكن بالتالي فهم أحداث عيد عرس قانا([8]): للإشارة إلى هذا الاتحاد الداخلي الذي حققه أولئك الذين أيقظوا قوة حضور المسيح فيهم (حضور السيد). لقد حدث فيهم الدمج والمزج الأساسي والجوهري أو «الزواج السماوي» بين الطبيعتين البشرية الخارجية والطبيعة الخالدة الداخلية.

يدلُّ وجود المسيح في القصة على أن الحكمة الروحية، والحدس الروحي، والمحبة والرحمة الشبيهة بالمسيح، قد تطورت بالفعل بشكل جيد. وتحت ظروف من مثل التي ذكرت آنفًا، تتحول «مياه» الجوانبِ العاطفيةِ التي تملؤها الرغبات بشكل تلقائي إلى «نبيذ» الحكمةِ والإرادةِ الروحيةِ. أي تحويل الجوانب العاطفية الممتلئة بالرغبات إلى حكمة وإرادة روحية. بمعنى آخر، عندما تتوفر الظروف المناسبة، تتحول العواطف والرغبات البشرية من حالتها الأولية الخام إلى حالة أسمى وأكثر نقاءً، بحيث تصبح مشبعة بالحكمة والإرادة الروحية.

هذه ليست معجزة، بل هي عملية طبيعية تحدث عندما يصعد ويرتقي المريد الصامد والمُجاهِد الطريق الضيق، كما هو موصوف في القصص التمثيلي والرمزي. ويرمز العنب والكرمة أيضًا إلى المعرفة والحكمة وإدراك وفهم روح الأشياء. وكما أن عملية التخمير تعطي للنبيذ قوة مؤكدة من حيث تأثيره القوي، فإن عمل العقل على المعرفة الباطنية المتراكمة يحولها إلى قوة الحكمة النقية، والفهم والبصيرة الضمنية، والحدس العميق النافذ. بمعنى آخر، إن العقل يعمل على تحويل المعرفة الباطنية المتراكمة إلى شكل أسمى من الحكمة، يتميز بالفهم العميق والبصيرة الواضحة. تماماً كما يعطي التخمير النبيذ قوته الفريدة، فإن عمل العقل على المعرفة يخلق حكمة قوية ونقية.

المفتاح الرابع: الرمزية اللغوية

المفتاح الرابع هو أن جميع الأشياء، وكذلك بعض الكلمات، لها معنى رمزي خاص بها.

إن لغة (لسان) المُسارَرَين المقدسة المُنتمين للمدارس السرية تتكون من نقوش مقدسة (hierograms) ورموز وليس من كلمات وحدها، ومعناها ثابت دائمًا، كما هو ثبات العقيدة التي تكشفها هذه اللغة في كل مكان. بمعنى آخر، أن لغة هذه المدارس تتكون من رموز ثابتة في معناها، وهي تعكس تعاليم ثابتة لا تتغير بغض النظر عن الزمان والمكان. هذه اللغة الرمزية تسهل نقل الحكمة العميقة بطريقة موحدة ومستمرة.

تُستخدم بعض الكلمات كمفاتيح لفتح المعاني الداخلية، وهذه المفاتيح عند تقليبها لسبع مرات تكشف عن سبع طبقات من الحكمة المقدسة.

إن عبارة "تدويرها أو تقليبها سبع مرات" يُشير ويرمز إلى عملية متكررة أو متعددة الخطوات تتطلب الصبر والتكرار للوصول إلى الفهم الكامل. أما عبارة "سبع طبقات من الحكمة المقدسة" فيشير إلى أن هناك مستويات متعددة ومتدرجة من الفهم والحكمة التي يمكن الوصول إليها، وكل طبقة تكشف عن مستوى أعمق من الحكمة الروحية. بمعنى آخر، أن هناك كلمات خاصة في التعاليم الباطنية تعمل كمفاتيح للوصول إلى معاني أعمق. عملية تدوير هذه المفاتيح سبع مرات ترمز إلى اكتشاف مستويات متعددة من الحكمة، مما يشير إلى عمق وتعقيد هذه التعاليم، حيث يتطلب الفهم الكامل لها المرور بعدة مراحل أو طبقات من الإدراك الروحي.

هذه الحقيقة يُشار إليها تمثيليًّا (allegorically) في مناسبات عديدة، فمثلًا في قصة الرجال الثلاثة التوراتية، شدرخ وميشخ وعبدنغو، الذين لم ينفذوا أمر الملك نبوخذنصر بالسجود للتمثال الذهبي، أمر "بأن يحموا الأتون سبعة أضعاف أكثر مما كان معتاداً أن يحمى"، وألقاهم فيه وهم موثقين بالحبال، ولكنه قال: "إني أرى أربعة رجال طليقين يتمشّون في وسط النار لم ينلهم أذى ومنظر الرابع شبيه بابن الآلهة"، فاتحد الثلاثة في واحدٍ. بمعنى آخر، أن الوصول إلى الحكمة الروحية العميقة يتطلب المرور بعملية مكثفة من التطهير والاختبار. كما أن الفرن تم تسخينه سبع مرات أكثر لتحقيق هذا التحول، فإن الحكمة الروحية تتطلب المرور بمراحل متعددة من النمو والتكامل، وفي النهاية يمكن للشخص أن يحقق حالة روحية تشبه "ابن الإله" أي الحكمة والنقاء الروحي. وبالمثل كما ذكر في رسالة بولس إلى العبرانيين، إذ قال: "بِالإِيمَانِ سَقَطَتْ أَسْوَارُ أَرِيحَا بَعْدَمَا طِيفَ حَوْلَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ."

ومن ثم تظهر فكرة أنه لاكتشاف الحكمة المقدسة في النصوص المسيحية، يجب علينا التخلي عن الفكرة التي تعتبر هذه النصوص مجرد سجلات تاريخية دقيقة للأحداث. بمعنى أنه يجب قراءة الكتب المقدسة بطريقة تتجاوز الفهم الحرفي والتاريخي لتشمل البحث عن المعاني الرمزية والروحية الأعمق.

ويتضمن ذلك رؤية القصص والأحداث كرموز تحمل دروساً روحية وحكم عميقة، وليس فقط كسجلات لأحداث ماضية. في النهاية، الفهم العميق للنصوص المقدسة المسيحية (وغير المسيحية) يتطلب منا النظر إلى ما وراء الكلمات والأحداث التاريخية لاكتشاف الحكمة الروحية والرموز التي تحملها هذه النصوص. على سبيل المثال، إنَّ السرد الإنجيلي ليس فقط سرداً للأحداث التاريخية، بل هو يصف تمثيليا ورمزيا رحلة النفس البشرية الصاعدة نحو الكمال الروحي. هذه الرحلة تتضمن المرور بمراحل مختلفة من النمو الروحي والتطهير حتى الوصول إلى المرحلة النهائية وهي الصعود. في النهاية، يمكن فهم الرواية الإنجيلية على أنها خريطة روحية ترشد النفس المتقدمة خلال مراحل التطور الروحي حتى تصل إلى أعلى مستوى من الكمال والاتحاد مع الإلهي.

إنَّ الدراما العظيمة (مثل الروايات الإنجيلية) لكي تُفهم وتُقدَّر بشكل كامل، يجب أن تنتقل من مجال الفهم المادي إلى مجالات الفهم النفسي، والعقلي والروحي الخاص بمستويات التجربة البشرية. بمعنى آخر، أن القصص الروحية الكبرى ليست مجرد سرد لأحداث مادية، بل تحمل معاني أعمق يمكن أن تُفهم فقط من خلال النظر إليها كرموز للتجارب النفسية والفكرية والروحية. فمثلا قصة الفداء فهي ليست مجرد رواية تاريخية عن صلب المسيح وقيامته، بل هي رمز للتضحية والنمو الروحي والانتصار على الموت بمعناه الروحي. ورحلة البطل في الأساطير يمكن أن تُرى كرمز لرحلة الإنسان الداخلية نحو الكمال والتنوير. وفي النهاية، لفهم وتقدير الدراما العظيمة بشكل كامل، يجب نقل الفهم من المستوى المادي السطحي إلى المستويات النفسية، العقلية والروحية، مما يتيح لنا استيعاب المعاني العميقة والتجارب البشرية التي تعبر عنها هذه القصص.

فالتلاميذ إذن هم تجسيد للصفات النبيلة للإنسان. رغم أنهم لا يزالون غير كاملين، إلا أنهم يصبحون أكثر روحانية ويتقربون من معلمهم وهم في خضم هذه العملية التحويلية، الذي يمثل الذات الإلهية الداخلية في الإنسان. التلاميذ لم يصلوا بعد إلى مستوى المسيح، لأنهم في مراحل أقل تطورًا وما زالوا تحت وهم الانفصال الذاتي. ويظهر ذلك من خلال سؤالهم عن مَن هو الأعظم في ملكوت السماوات. إنهم ما زالوا ملوثين بصفات مادية فادحة، ومن هنا جاء الغسل الرمزي لأقدامهم على يد سيدهم. ولا يزال هناك خائن يتربص في وسطهم، والذي يجب أن يكشف عن نفسه ويقتل نفسه قبل أن يحدث الصعود العظيم. المعلم يعاتبهم ويذكرهم ويوبخهم ويحذرهم، مشيراً إلى النشاط الروحاني للحضور الإلهي في الداخل.

إن جميع المعجزات التي تم تسجيلها، ومن ضمنها التي سميت بشكل خاطئ معجزات، يمكن أن ينفذها أديب (خبير ماهر بالصنعة الإلهية)، أو حتى مبتدأ (مُنَشَّأ) بدرجة أقل، عن طريق ممارسة القوى الثيورجية (السيميائية أو الروحية الخالصة). ولكنها أيضًا توضح عمليات إيقاظ القوى الروحية والتنبيه إلى الإدراك (الشفاء، واستعادة البصر، وإيقاظ الموتى) في الشخصية الخارجية التي تطمح إلى التقدم. أي المعجزات تعتبر علامات للنضج الروحي وتقدم الفرد على طريق التنوير والتحرر الروحي، وتعكس عملية إيقاظ القوى والقدرات الروحية والتنمية الروحية في الشخصيات البشرية. وهنا يكمن الفرق بين فهم المعجزات على أنها مجرد أحداث غامضة أو غير مفهومة، وبين فهمها على أنها جزء من عملية التطور والنضج الروحي. ومن خلال هذا النظر إلى المعجزات، يمكن للإنسان أن يفهم عمق الوجود وأن يكتشف القدرات الروحية الكامنة داخله، مما يساعده في بناء حياة أكثر إشراقًا ونضجًا على كافة الأصعدة.

إن قصة الإنجيل، وفي الواقع جميع الأجزاء الموحى بها من الكتاب المقدس، ليست موجهة بشكل رئيسي للعقل المنطقي الذي قد يشعر بالإهانة منها في بعض الأحيان، بل هي موجهة للحدس أو الاستبصار أو الطَّويَّة (intuition). فالحدس (الاستبصار) قادر على رؤية القصة باعتبارها قصة النفس الروحانية للإنسانية، والتي تصور من خلال الرموز والاستعارات الدرامية القوى الإلهية والإمكانيات الموجودة في الإنسان، وعملية تطوير واستخدام هذه القوى بشكل فعّال. بمعنى آخر، النصوص المقدسة ليست فقط نصوصاً عقلانية بل تحمل معاني روحية ورمزية أعمق يمكن للبديهة والحدس أن يفهمها. وقد نكرر أن هذه النظرة الباطنية أو الصوفية لا تنفي وجود التاريخ بشكل كامل. حيث يمكن أن يظل لُب وجوهر التقليد داخل القصص بمثابة سِجِلٍّ لأحداث حقيقية، مهما كانت السجلات قد تمت معالجتها وتفسيرها بطريقة ترتفع بها عن الفهم الحرفي والتاريخي البسيط إلى مستوى أعمق وأكثر روحانية. بمعنى آخر، هذه الرؤية تقر بأن هناك أساسًا تاريخيًا حقيقيًا للقصص والتقاليد، ولكن هذا الأساس يتم تقديمه وتفسيره بطريقة ترفع هذه الأحداث إلى مستوى يتجاوز الزمن والمكان العاديين، مما يمنحها طابعًا مقدسًا وأبديًا عبر استخدام اللغة الدينية أو الرمزية.

التناقض والاختلاف دليلٌ إلى معاني عميقة

إنَّ الطالب الذي يحاول فهم اللغة التمثيلية عادة ما يحصل على دليل يساعده في التأويل. ومع ذلك، هذا الدليل قد يبدو غريباً للوهلة الأولى؛ لأنَّه يتضمن نوعاً من الحجاب أو الغطاء الإضافي الذي يزيد من الغموض والتنافر والتعارض ويهدف إلى إبعاد من يحاول الفهم بنية سطحية أو دنيوية عن الوصول إلى المعرفة المقدسة المخفية في هذه اللغة.

هذا الغطاء الإضافي موجود ليضمن أن المعرفة الإلهية تبقى محجوبة عن الأذهان التي لا تسعى للفهم الروحي العميق. يجب على المرء أن يحترس بعناية من هذا التنافر أو الاشمئزاز، سواء كان ذلك بسبب عبارة متناقضة أو غير معقولة أو مستحيلة، أو بسبب قصة تسيء إلى المنطق والشعور بالعدالة، أو حتى الأدب والأخلاق. لقد ابتعد الكثير من الناس عن الكتاب المقدس، وحتى عن الدين نفسه، بسبب اكتشاف هذه الخصائص التي يتضمنها الكتاب المقدس.

الفكرة الأساسية هي أن التفسير السطحي أو الانطباع الأولي يمكن أن يقود إلى رفض غير مبرر للنصوص الدينية، بينما المطلوب هو السعي إلى فهم أعمق يتجاوز الظواهر السطحية إلى المعاني الروحية الكامنة وراء النص.

والموضوع ذو أهمية كبيرة لسببين رئيسيين. أولاً، لأن التناقضات أو العناصر غير المنطقية في النصوص الدينية قد تكون مقصودة بشكل متعمد.

وثانيًا، لأن هذه التناقضات قد تهدف إلى إخفاء المعرفة التي تمنح القوة، وإلى لفت الانتباه بشكل درامي إلى حكمة أعمق.

بمعنى آخر، التناقضات الموجودة في النصوص قد تكون وسيلة لجذب الانتباه وتحفيز التفكير العميق، وليس بالضرورة أنها أخطاء أو جوانب سلبية.

الهدف من هذه التناقضات هو دفع القارئ للبحث عن المعاني الأعمق والحكمة المخفية، وبالتالي تحقيق فهم أعمق وأكثر قوة للنصوص المقدسة. لذلك، سنفحص بعض التناقضات الواضحة وتقديم حلول محتملة للمشكلات التي تثيرها. بمعنى سنقوم باستطراد لفحص التناقضات التي قد توجد في النصوص، بهدف تقديم تفسير أو حل لهذه التناقضات. الهدف هو توضيح كيفية التعامل مع هذه التناقضات وفهمها بشكل أعمق بدلاً من رفضها أو التوقف عندها.

أمثلة على الذي لا يُصدق وتفسيره

سنُورد بعض الأمثلة الكتابية التي تندرج أو تُعتبر مما لا يُصدق وفيه تناقض وتنافر والذي يجعل الجلود تشمئز لأنَّه يتعارض مع المنطق أو المعقول، وأيضًا، سنضع توضيحًا - تأويلًا لها.

وسنبدأ من المقاطع النصية الكتابية المُسلَّم بصعوبة فهمها واختلافها وتنافرها:

أ‌-  أوَّل هذه المُتناقضات هي حادثة خلق الشمس ولكن بعد مُرور ثلاثة أيامٍ بلياليها من الخلق، أي مضت ثلاثة أيام حتى جرى خلق الشمس، وهذا يتناقض مع حقيقة أن اليوم هو ينشا من دوران الأرض حول الشمس.

التأويل: إنَّ المقصود هنا هو فترات خلق إبداعية وليس التغيرات الكوكبية الفعلية. بمعنى آخر، لا يجب أن نفهم هذه الأيام الثلاثة بشكل حرفي كأيام تتكون من 24 ساعة، بل هي ترمز إلى فترات زمنية غير محددة من النشاط الإبداعي الإلهي والتي لا تعتمد على الدورة الشمسية التي نعرفها.

ب‌-                    ومن أفظع المقاطع في التوراة، هي أن يأمر الإله بالعدوان، والمذبحة، والإبادة على الشعوب الأخرى([9]).

التأويل: إنَّ أعداء النفس الصاعدة الروحانية يجري تجسيدهم بأعداء إسرائيل. حيث إسرائيل هو الجوهر الروحاني الصاعد وهذا له أعداء وهي الطبائع الدنيا التي تُحاول أن تُثبطه وتجره إليها، لذلك يؤمر بأن يذبحهم ويفعل بهم مجزرة ويُبيدهم، أي يتغلب عليهم بقوته الروحية الإلهية، أي أن يتغلب الفرد على طبائعه الدنيا ليرتقي لطبيعته العُليا.

ت‌-                    قصة نوح في أن يجمع أزواجاً من كل كائن حي من جميع أنحاء الأرض - الشمالية والمعتدلة والاستوائية - ويبقيهم على قيد الحياة في الفلك لمدة أربعين يومًا، وهذا مُحال.

التأويل: القصة تُشير إلى فكرة حفظ واستمرارية الحياة عبر فترات الخلق المتعاقبة وربطها بمفهوم حفظ نتائج كل حياة بشرية بين الحيوات المتعاقبة.

يقدم النص رمزية الفلك كمثال على وسيلة الحفظ، سواء على المستوى الكوني أو البشري. بمعنى آخر، النص يعبر عن أن بذور كل الكائنات الحية تُحفظ من فترة خلق إلى الفترة التي تليها. بشكل مشابه، فإن نتائج أو ثمار كل ولادة بشرية تُحفظ بين الحيوات المتعاقبة. الفلك هنا يُستخدم كرمز لهذه الوسيلة الحافظة التي تضمن انتقال واستمرارية الحياة والمعرفة عبر الفترات الزمنية. النص يعكس الفكرة الروحية التي تفيد بأن هناك نظامًا إلهيًا أو كونيًا يحفظ الـ(essences) أو الجواهر الحية والمعرفية بين دورات الخلق وإعادة الولادة، مما يضمن استمرارية وتراكم الخبرات والمعرفة.

ث‌-                    الرب يعاقب (يؤاخذ) الأبناء حتى الجيل الثالث والرابع بجريرة آبائهم([10])، أي يُحاسبهم ويعاقبهم على ما ارتكبه آباؤهم من ذنوب وخطايا! أو خطايا الآباء تُلاحق الأبناء إلى الجيل الثالث والرابع.

التأويل: أن كل حياة بشرية تُعتبر "أبًا" للحيوات التي تليها، حيث تُعد الحيوات التالية بمثابة "أبناء" لتلك الحياة. بهذا المفهوم، يحدث الزرع والحصاد عبر الحيوات المتعاقبة، وهو ما يُعرف بمفهوم الكارما.

إن كل حياة بشرية تُشكل الأساس للحيوات التي تليها. بمعنى آخر، الأعمال والأفعال التي يقوم بها الشخص في حياته الحالية تؤثر على الحيوات المستقبلية، كما يؤثر الأب في حياة أبنائه.

الكارما هي الفكرة التي تعني أن كل فعل يقوم به الإنسان يعود إليه، سواء في هذه الحياة أو في الحيوات القادمة. هذا يعني أن الأفعال الإيجابية أو السلبية تؤثر على مستقبل الفرد عبر تجسيدات متعاقبة. أما الاستمرارية عبر الأجيال: "الخطايا تُلاحق الأبناء" تُفسر هنا بأن النتائج الكارمية للأفعال تنتقل عبر الأجيال (الحيوات) المتعاقبة، مما يشير إلى استمرارية تأثير الأعمال عبر الزمن وليس فقط في الحياة الحالية.

بهذا التأويل، يُفهم أن هناك نظامًا روحانيًا يربط بين الحيوات المتعاقبة، حيث تُعتبر كل حياة نتيجة لأفعال الحيوات السابقة وأساسًا لما سيأتي بعدها. هذا يبرز أهمية المسؤولية الفردية في كل حياة، حيث تُحدد الأفعال الحالية مصير الحيوات المستقبلية.

ج‌-                      سقوط مدينة أريحا وأسوارها بصوت الأبواق وبصراخ الهتاف الذي يُطلق باتجاهها!

التأويل: "اللوغوس" يعني في الفلسفة القديمة والكثير من الأنظمة الروحانية "الكلمة" أو "الصوت" الإلهي الذي يُنشئ ويحافظ على الكون. في هذا السياق، يربط النص بين صوت الأبواق والتهليل وبين عقيدة اللوغوس التي تشير إلى تكوين وانحلال الأكوان بفعل صوت الله. ويشير النص إلى القدرات الخفية أو السحرية للصوت، وكيف يمكن استخدامه لتغيير الواقع المادي والروحي. في التقاليد الروحية، يُعتقد أن الصوت له قوة كبيرة في التأثير على الوعي والطاقة.

"مانترا يوغا Mantra Toga" هي ممارسة تستخدم الترديد الصوتي (المانترا)([11]) لتحقيق أهداف روحية مثل تطهير الوعي وتجاوز حدوده (الجدران الرمزية). في هذا السياق، يُستخدم الصوت لكسر القيود النفسية والروحية وتطهير الأدوات الروحية للإنسان.

سقوط أريحا: يمكن تفسير سقوط جدران أريحا بفعل أصوات الأبواق والتهليل كرمز لتحطيم الحواجز النفسية والروحية عبر قوة الصوت المقدس.

تنقية وتوسيع الوعي: القصة تلمح إلى استخدام الصوت كأداة لتطهير وتوسيع وعي الإنسان، مما يسمح له بالتجاوز والتطور الروحي.

بهذا التأويل، تُفهم قصة أريحا بشكل أعمق على أنها تلمح إلى القوة الروحية للصوت وكيف يمكن استخدامه لتحقيق تغييرات داخلية عميقة وتحطيم الحدود النفسية والروحية التي تقيد الإنسان.

ح‌-                      قصة يشوع عندما أمر الشمس والقمر بالتوقف ليطيل النهار: يا شمس دومي على جبعون!

التأويل: الشمس ترمز إلى مصدر القوة الروحية والنور. في هذا السياق، رفع يشوع الشمس إلى أقصى قوتها (وسط السماء) يُعتبر رمزًا لتعظيم القوة الروحية والنور الإلهي فوق الإنسان الفاني. الأعداء هنا يرمُزون إلى الجبعونيين، والذين يمثلون العقبات أو الأعداء الروحيين التي تواجه النفس. عندما تكون القوة الروحية في أوجها، يصبح الإنسان قادرًا على التغلب على هذه العقبات وتحقيق السلام الداخلي. بقاء الشمس في وسط السماء يرمز إلى لحظة من النور الأسمى والوعي الروحي، مما يساعد الإنسان على مواجهة تحدياته الداخلية والخارجية والوصول إلى حالة من الصفاء والهدوء.

إطالة النهار: يمكن تفسير إطالة النهار على أنها إطالة فترة الاستنارة الروحية والنور، مما يمنح الإنسان المزيد من الوقت والقوة للتغلب على تحدياته الروحية. التغلب على الأعداء الروحيين: يُعتبر الأعداء (الجبعونيين) رمزًا للصعوبات الروحية أو النفسية التي يجب على الإنسان التغلب عليها بمساعدة النور الروحي الأسمى. بهذا التأويل، تُفهم قصة يشوع والشمس والقمر بشكل أعمق على أنها تلمح إلى استخدام القوة الروحية والنور الداخلي لتعظيم القدرة على التغلب على التحديات الروحية وتحقيق السلام الداخلي.

خ‌-                      هزيمة شمشون بقص شعره، وتدمير الهيكل بإلقاء ثقله على الأعمدة.

التأويل: الشَّعْرُ يرمز إلى العلاقة الفعّالة بين النفس الروحانية والعقل-الدماغ. عندما تُقطع هذه العلاقة، يفقد الإنسان القوة والتوجيه من الذات الداخلية، ويصبح عبداً للمادة والحواس، كما حدث مع شمشون عندما قصّت دليلة شعره. يُعتبر الناصريون مثالاً على ذلك، حيث يمثل الشعر لديهم رمزاً للقدرة الروحية والتواصل مع الذات العليا.

عندما يحقق الإنسان توازناً بين الأضداد (الأعمدة)، تتلاشى القيود (المعبد) التي تعيق الوعي، ويتم القضاء على الصفات غير المرغوبة (الفلسطينيين). يشير هذا إلى أن التوازن الداخلي يمكّن الإنسان من تحطيم القيود الروحية والنفسية، مما يؤدي إلى نمو روحي وتحرر من الصفات السلبية.

د‌-                        صعود وانتقال إيليا من الأرض إلى السماء (الجنة) بمركبة من نارٍ تجرها خيول نارية!

التأويل: إن تسامي القوة النارية الخلاقة في الإنسان تُمكنه من الصعود إلى حالات الوعي الروحية العُليا (الجنة). بمعنى آخر، هذه القصة تحمل رمزية عميقة تتعلق بالتحول الروحي والتسامي. حيث العربة النارية تمثل القوة الإبداعية والنارية داخل الإنسان، والتي عندما يتم تهذيبها وتساميها، تُمكن الإنسان من الوصول إلى حالات أعلى من الوعي الروحي، أي "الجنة" بالمعنى الروحي. بمعنى آخر، هذه القصة تُظهر أن القوة الإبداعية والنارية الموجودة في الإنسان، عندما تُستخدم بشكل صحيح وتُرفع إلى مستوى أعلى، تستطيع أن ترفع الإنسان إلى حالات روحية متقدمة. هذا يوضح العلاقة بين الطاقة الداخلية للإنسان وتحقيقه لحالات من الوعي الروحي العميق. تصاعد إيليا إلى السماء في العربة النارية يُعتبر رمزاً لهذا التحول الروحي والارتقاء بالوعي.

ذ‌-                        قصة التقام يونان - يونس وبقائه في بطن الحوت الكبير حيث يبقى سالما ثلاثة أيام وثلاث ليال!

التأويل: عند بدء التنشئة الروحية (Initiation)، يُسحب المُرشح - الطالب من جسده (السفينة التي كان فيها يونان)، ويُدخل إلى العالم السفلي (البحر)، ثم يرتقي إلى الوعي الروحي الكامل (السمكة) أو يصل إلى وعي المسيح. وبعد مرور وقت كافٍ (ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ عموماً)، يعود إلى جسده (يُسلَّم إلى اليابسة).

نص القصة في التوراة تصف عملية رمزية للتحول الروحي خلال الطقوس الدينية أو الروحية. في هذه الطقوس، يُفصل المبتدئ عن جسده المادي (المُشار إليه بالسفينة) ويدخل إلى عالم الأموات أو العالم السفلي (المُشار إليه بالبحر). خلال هذه المرحلة، يمر بعملية تطهير أو تحول عميقة، ويتم رفعه إلى مستوى أعلى من الوعي الروحي (المُشار إليه بالسمكة) أو يصل إلى حالة الوعي المسيحي الكامل. وبعد انقضاء فترة زمنية محددة (عادةً ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ)، يعود المبتدئ إلى جسده المادي (يتم تسليمه إلى اليابسة). هذه العملية تُعبِّر عن رحلة روحية يتحول فيها الشخص من حالته المادية العادية إلى حالة روحية متقدمة، ويعود بعد ذلك إلى حالته المادية وهو مُجدد ومُرتقٍ روحياً. الثلاثة أيام والثلاث ليالٍ تمثل فترة التحول اللازمة لتحقيق هذا الوعي الروحي العميق.

ر‌-                        وفي قصة دفع الجزية في إنجيل متى يخبر يسوع أن مال الضريبة في فم أو سمكة يصطادها بطرس من البحيرة!

التأويل: كل الضروريات (مال الجزية) للحياة الروحية، الفكرية، وحتى الجسدية، توجد في الجوانب الإلهية للطبيعة البشرية (السمك). يجب على الإنسان أن يتعلم الاعتماد على قوة المسيح بداخله.

ز‌-                        فنظرَ (يسوع) شجرة تين على الطريق وجاء إليها فلم يجد فيها شيئا إلا ورقا. فقال لها: «لا تثمر مرة أخرى!» فيبست الشجرة على الفور.

التأويل: إن لم يبذل الإنسان من ثمر حياته مجانًا، فإنه يذبل ويضيع. النص هو إعلان للقانون، وليس وصف الفعل.

س‌-                    قصة بعث ليعازر بعد أربعة أيام من موته!

التأويل: الموت هنا يرمز إلى الجهل الروحي الكامل أو الانقطاع التام عن الوعي الروحي. والإحياء المعجز للحياة يرمز إلى استعادة الوعي الروحي بفضل تأثير القوة والحضور الإلهي الداخلي (المسيح). فترة الموت تشير إلى الفترة التي يكون فيها جسد المُرشح (الشخص الذي يخضع للانتقال الروحي) في حالة غياب الوعي (موت رمزي) أثناء تلقيه للترقية الروحية أو التنشئة. في المجمل، النص يستخدم قصة قيامة ليعازر كمثال رمزي لشرح كيف يمكن للإنسان أن ينتقل من حالة الجهل الروحي (الموت) إلى حالة من الوعي الروحي العميق (القيامة)، وذلك بفضل التدخل الإلهي والعمليات الروحية الداخلية.

ش‌-                     قصة أكل جسد المسيح بوصفه طعام، وشرب دمه بوصفه شراب!

التأويل: النص يتناول مفهومًا رمزيًا عميقًا يتعلق بتعاليم السيد المسيح حول ضرورة "أكل جسده وشرب دمه" من أجل الخلاص.

أولاً، يجب فهم أن الجسد والدم هنا ليسا حرفيين بل يحملان معاني رمزية. "الجسد" في هذا السياق يرمز إلى الحقيقة الروحية والقانون الإلهي. عندما يتحدث النص عن "أكل هذا الجسد"، فإنه يشير إلى الفهم الكامل والاستيعاب العميق للحقيقة الأبدية. هذا يعني أن الشخص يجب أن يتبنى هذه الحقائق الروحية ويجعلها جزءًا من كيانه لتحقيق الخلاص.

ثانيًا، "الدم" يمثل الحياة الإلهية الدائمة التي تُمنح باستمرار، والتي من خلالها يُدعم الكون والبشر روحيًا. شرب الدم هنا يعني الامتصاص الواعي لهذه الحياة الإلهية والشعور بالاتحاد معها. إنه يمثل تحقيق الوحدة مع المصدر الإلهي للحياة، والتفاعل المستمر مع هذه الطاقة الروحية التي تدعم كل الوجود.

بالتالي، يؤكد النص على أن فهم الحقيقة الروحية (أكل الجسد) والامتصاص الواعي للحياة الإلهية (شرب الدم) هما أمران أساسيان لتحقيق الخلاص الروحي. هاتان العمليتان ترمزان إلى التوحد مع الرب والاندماج الكامل مع الطاقة الروحية التي تملأ الكون، مما يؤدي إلى تحقيق الوعي الروحي والوصول إلى الخلاص.

ص‌-                  إن أحداث الليلة التي سبقت الصلب كثيرة جدًا بحيث لا يمكن أن تحدث كلها في ليلة واحدة. من بينها:

·   العشاء الأخير.

·   العذاب في الحديقة.

·   خيانة يهوذا.

·   التسبيح أمام قيافا والسؤال.

·   التصفيق أمام السنهدريم والاستجواب.

·   التحية أمام بيلاطس والاستجواب في قاعة القضاء. (محاكم محاكمة المجرمين لم تعقد في منتصف الليل قط).

·   زيارة هيرودس يرويها القديس لوقا.

·   عودة بيلاطس.

·   خطابات بيلاطس وغسل الأيدي.

·   جلد يسوع والاستهزاء به وإلباسه ثيابًا أرجوانية.

·   الرحلة الطويلة والمؤلمة إلى الجلجثة.

التأويل: التجربة برمتها هي تجربة داخلية، حيث يصف كل حدث الإنجازات والتغيرات في الوعي مع اقتراب عتبة الكمال.

تعقيبات مختصرة

بالنسبة للنقطة (أ)، فإن الأيام والليالي في قصة الخلق ترمز إلى دورات من النشاط الإبداعي (المسمى "اليوم") والهدوء الإبداعي (المسمى "الليل"). هذه الفترات يتم الإشارة إليها لاحقًا في النص باستخدام المصطلحات السنسكريتية "مانفانتارا" للنشاط الإبداعي و"برالايا" (Manvantara وPralaya) للهدوء الإبداعي. هذا التأويل يبين أن الخلق يتضمن فترات متعاقبة من النشاط والسكون، والتي تمثل دورات مستمرة من الحياة والوجود في الكون.

بالإشارة إلى (ح)، يجسد يشوع البادئ الذي أوصل إرادته الأحادية، التي ترمز إليها الشمس، إلى موقع قوتها القصوى (وسط السماء). ونتيجة لذلك، فهو يمنع قدوم الليل (الظلام العقلي) ويحافظ على طبيعته الشخصية (ساحة جبعون) في حالة الإضاءة الطويلة (النهار) التي تضمن النصر في المعركة بين الروح (الإسرائيليين) والمادة ( أعدائهم) فيه. وحتى من هذا التفسير الموجز، فإن عنصر الاستحالة يُنظر إليه على أنه تلميح أو دليل، وكإشارة إلى فكرة غامضة عميقة.

فيما يتعلق بـ (ش)، من الواضح تمامًا أن سيدنا لم يكن يحث البشرية على أكل لحم ودم الإنسان عندما قال: «مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.» وأنا أقيمه في اليوم الأخير. لأن جسدي طعام حق ودمي شراب حق. من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وأنا فيه. كما أرسلني الآب الحي، وأنا حي بالآب، فمن يأكلني فهو يحيا بي. الكلمات "لحم" و"دم" و"يأكل" و"يشرب" هي لا تستخدم بالمعنى المعتاد. إنها رمزية وتمثيلية، وهي تنقل معنى خفيًا.

إذن، ماذا تعني كلمات "الجسد"، "الدم"، "يأكل"، و"يشرب"؟

"الجسد": يشير إلى الحقائق الإلهية والقوانين الروحية، وأيضًا إلى الوسائل التي يتجسد بها المسيح ويظهر من خلالها. هذا يمكن أن يعني المعرفة الروحية التي يلبس ويستتر بها المسيح وتجعل حضوره ملموسًا.

"الدم": يرمز إلى الحياة الإلهية المتدفقة باستمرار، التي تغذي الكون والإنسان روحياً. شرب الدم يشير إلى الامتصاص الواعي لهذه الحياة الإلهية والشعور بالاتحاد العميق مع المصدر الإلهي.

"يأكل": يمثل اللحظة التي يصبح فيها العقل البشري مستنيرًا بالمعرفة الإلهية، عندما يتم اكتشاف الحقائق الروحية الداخلية والكشف عنها. هذا الفهم والوعي الروحي يتم تصويره كـ "أكل" جسد المسيح. "الخبز": يستخدم كرمز لهذه المعرفة الإلهية، القوانين الروحية، والعمليات. أكل الخبز المقدس يعبر عن استقبال واستيعاب وتطبيق هذه المعرفة في الحياة. كما يرمز الخبز إلى التجدد الدوري للحياة بعد كل عودة إلى حالة البذرة، مما يعني عملية النمو الروحي المستمرة والتجدد.

دم الرب أو المسيح يمثل الحياة الإلهية المتدفقة باستمرار، التي تدعم الكون بأكمله وتبقيه حيًا، تمامًا كما يحافظ الدم في الجسد البشري على الحياة. هذه القوة الحيوية الإلهية تلعب دورًا حيويًا للكون وكل ما يحتويه، يشبه إلى حد كبير الدور الذي يلعبه الدم في الجسد الفيزيائي للبشر. عادةً ما يكون الإنسان غير واعٍ لهذه الحياة الإلهية المتدفقة والموجودة في كل مكان، ولا يدرك أنها هي التي تدعمه روحياً وتبقيه حيًا.

باختصار، هذه الرموز تشير إلى التفاعل العميق مع الحقائق الروحية، وكيفية دمجها في الحياة اليومية، مما يؤدي إلى التنوير الروحي والتجدد الدائم.

في مرحلة معينة من تطور المبدأ العقلي البشري، يتم إدراك هذا الواقع بشكل حدسي. من خلال الممارسات الروحية مثل التأمل والصلاة، وبمساعدة معلميه والمرشدين الروحيين الآخرين في الطقوس المقدسة في معابد الأسرار العظمى، يمكن تسريع هذا الإدراك لدى الطامحين الروحيين. في النهاية، يمكن الوصول إلى المعرفة الكاملة بتدفق حياة المسيح إلى الكون والإنسان، وبهوية الإنسان مع هذه الحياة ومصدرها الإلهي. يتم وصف هذا الإنجاز بشكل رمزي على أنه شرب دم المسيح. كان السيد المسيح يشير إلى حالة من الوعي بالوحدة مع المسيح الكوني وحياته المتدفقة، وليس إلى عمل مادي. بمجرد حدوث هذا الأكل والشرب الرمزي، أي هذه المحبة الروحية، يمكن بعد ذلك نقل هذه التجربة الروحية للآخرين الذين هم في جوع للحقائق الروحية. كما تروي حادثة إطعام الخمسة آلاف بشكل تمثيلي رمزي، فإن هذه الخدمة لا تؤدي إلى فقدان شيء، بل على العكس، تزداد الحكمة الروحية والمعرفة والحياة المتدفقة بعد ذلك أكثر مما كانت عليه من قبل. بمعنى آخر، إنَّ استيعاب الحقائق الروحية ومشاركتها مع الآخرين يؤدي إلى زيادة في الحكمة والحياة الروحية، كما يظهر في قصة إطعام الجموع، حيث أن نشر هذه الحقائق لا يقلل منها بل يضاعفها.

في المفتاح الرابع، يكون لكل الأشياء، وكذلك العديد من الكلمات، معناها الخاص والمميز. والرموز المستخدمة في اللسان المقدس ترتبط بأحد العناصر الأربعة: الأرض، الماء، الهواء، والنار([12]). بمعنى آخر، أن الفهم العميق للغة المقدسة يتطلب النظر إلى الأشياء والكلمات كمجموعة من الرموز التي ترتبط بالعناصر الطبيعية، مما يمنحها معاني روحية خاصة ومتعددة الأبعاد.



[1]- فلاحظ أن هذه الأحداث الروحية التي يخوضها الوعي قد كتبت بأسلوب حكائي قصصي؛ لجعل الوعي يعيش هذه الأحداث بخياله بكل ما فيها من مشاعر تبعث على التعالي والنقاء والقوة والصبر...، وكأنه فعلا مشارك في هذه أو تلك القصة لهذا النبي أو ذلك الولي أو الملك... إلخ. فأنت تقرأ وقوة الإخراج السينمائي في داخلك تعمل على خلق السيناريو المقروء ووضعك في قلب أحداثه، فتنفعل وكأنك فعلا وحقا معهم.. هذه قوة الخيل أي ملكة الخيال. وهذا الموضوع مرتبط بكلمة (اقرأ) في عالمنا الإسلامي. إذ إن معنى الكلمة هو بالضبط مفهوم عملية الإخراج اليسنمائي الحديث. فاقرأ أي ابدأ عملية إخراج للموضوع الذي أمامك...إلخ. المعرب

[2]- تشخيص للكيفيات المحسوسة (الطول العرض الجلوس...) والنفسانية (اللذة والألم العلم... إلخ)، للسمات والطبائع والميزات والخِصال والسجايا والأخلاق الكريمة أو الذميمة. المعرب

[3]- مثل يوسف في القرءان في بداية رحلته. المُعرب

[4]- مثل يوسف بعد أن جُعل على خزائن الأرض فتمكن منها. المُعرب

[5]- باختصار، «Christhood» هو مصطلح يعبر عن الوصول إلى حالة من الكمال الروحي التي تتوافق مع صفات المسيح وتعاليمه. المعرب 

[6]- نعمل على ترجمته إلى العربية. المعرب

[7]-  لقراءة المثل، طالعه في إنجيل متَّى، الإصحاح الثالث عشر.

[8]- عرس قانا الجليل في الدين المسيحي يُعد من أولى معجزات يسوع المسيح، حيث وفقاً للإنجيل قام يسوع بتحويل الماء إلى خمر خلال مناسبة زواج في قرية قانا. في رواية الإنجيل، دُعي يسوع وأمه مريم وتلاميذه إلى حفل زفاف، وعندما نفد النبيذ، قام يسوع بمعجزة تحويل الماء إلى خمر. (ويكيبيديا)

[9]- ونجد نفس الأمر في القرءان حيث يأمر الله أن يُقتل المُشركين أينما ثقفوا، لذلك كل الجماعات الإرهابية السلفية تستند إلى هذا المقطع وتتخذه ذريعة لتشريع ذبح الناس المُخالفين وهتك أعراضهم وإفساد الحرث والنسل والفساد في الأرض. وحقيقة الأمر هو روحاني أو داخلي وخاص بخوض الجوهر الروحاني رحلته عبر المادة لا غير وغير معني بالخارج؛ لأنَّ كل شخصيات وجماعات وأمم القرءان هي موجودة في كل فرد إنساني لأنها نماذج بدئية مودعة في كل فرد بنفس الكيفية بلا أي اختلاف (وهي النفس الواحدة)، لذلك لا تحتاج للمنافقين في الخارج بل انظر في نفسك وستراهم حاضرين! ولا تحتاج لقتال المُشركين في الخارج بل انظر في داخلك وستراهم فاعلين فقاتلهم! وهذا هو جهادك الأكبر أن يكون في الباطن، أما الجهاد الأصغر فيكون في ظاهرك، أي الطبقة الظاهرة القريبة الدانية من أنواتك التي تعيق تقدمك الروحي، وهذا هو تأويل الحديث الحق!. ولكن هل تجسد هؤلاء على أرض الواقع؟ بكل تأكيد، فأنت ترى السلوك النفاقي والشركي (الدعوة لمشاركة) وغيره واضح وتفعله الناس ليل نهار، وهنا لابد من جهاد هذه الظواهر الاجتماعية ولكن بالعلم والمعرفة ومؤسسات علمية ومعرفية وطبية وفنية وغيرها، وهذا هو القتل، أن تأخذ هؤلاء وتبدأ بمعالجتهم نفسيا وفكريًا وفنيا وروحانيا وعقليا... إلخ، لا أن تسفك دمائهم وتقضي عليهم بالموت!. المترجم

[10]- لكني لا أعفي المذنب من العقاب، بل أفتقد إثم الآباء في الأبناء والأحفاد حتى الجيل الرابع. سفر الخروج: الإصحاح 34، الآية 8. وهذا يذكر بنحو ما بقول القرءان: ﴿وَنَادَىٰ نُوحࣱ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِی مِنۡ أَهۡلِی وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَـٰكِمِینَ﴾ [هود ٤٥]، ﴿قَالَ یَـٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَیۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَیۡرُ صَـٰلِحࣲۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّیۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَـٰهِلِینَ﴾ [هود ٤٦]. المترجم

[11]- وهو الذِّكر في الثقافة الصوفية الإسلامية، حيث يُردد المُريد أو الشيخ الورد المخصوص بتكرار معين لمختلف الغايات الروحية. المُترجم

[12]- فالرياح، مثلًا، والريح، والعواصف هي رموز لعنصر الهواء. والبحر، والنهر، والطوفان، والفيضان، والبحيرات ونحوها رموز لعنصر الماء. والرمال والصحارى والأتربة المختلفة والغبار رموز لعنصر التراب. والحرارة والحركة والحمم البركانية والنيران المختلفة رموز لعنصر النار وهلم جرًّا. وإن وجنا، مثلًا، "عاصفة ترابية" فواضح أنها مركبة من عنصرين: عنصر التراب وعنصر الهواء. وإن وجدنا مادة سائلة ولكنها حارقة مثل ماء النار فنعلم أنها مركبة من عنصرين: النار والماء وهلم جرًّا. ومثلًا لدينا عواطف حارة فنعلم أنها من عنصر النار، وعواطف باردة عنصر الهواء، والقلب ينبض فهذا عنصر النار، ورطب فهذا عنصر الماء ومتعلق بالدم أيضًا عنصر النار والدم حار وهذا عنصر النار وهلم جرًّا. المعرب

تعليقات

مواضيع المقالة