القائمة الرئيسية

الصفحات

الفصل الثاني: خطوات على الطريق إلى الكمال الإلهي للإنسان

 الفصل الثاني: خطوات على الطريق إلى الكمال الإلهي للإنسان

 

 


 

كما ذُكر سابقًا في هذا الجزء، فإن من بين التأويلات الممكنة للكتاب المقدس تأويلًا يقدّم إرشادًا للسير في «طريق القداسة»، أي مسار التلمذة الروحية والتهيئة، المؤدي إلى التعجيل ببلوغ كمال الإنسان. وبما أن هذا التفسير قد أُدرج ضمن سائر التفسيرات الواردة في هذا العمل، فإن من المناسب هنا تقديم عرض موجز للمثل الأعلى القديم، والقوانين التي تحكم تحقيقه، والتجارب التي يمرّ بها السالك في هذه المسيرة. وقد أُطلق على هذا التفسير في جميع أجزاء هذا العمل اسم «التأويل المُسَارِّي».

يبدو أن ارتقاء الإنسان إلى مملكة الطبيعة فوق البشرية يمكن أن يتم بطريقتين كما أُشير ذكر سابقًا. أولاها تتمثل في العمليات الطبيعية التي تنمو بها الحياة تدريجيًا نحو مستويات أرقى من التفتح، وتتطور فيها الأشكال لتصبح أوعية أكثر حساسية وملاءمة لتلك الحياة. ويبدو هذا المسار بطيئًا في نظر الإنسان، إذ يستغرق زمنًا طويلًا، ويُقال إنه يتطلب ما لا يقل عن سبعمائة حياة بشرية، مع متوسط زمني — لدى الشعوب التي تجاوزت المراحل البدائية — يبلغ نحو سبعمائة عام بين الوفاة والميلاد التالي.

الطريق الآخر لبلوغ الكمال يُعرف بـ «سلوك الدرب»، ويعني مشاركة الإنسان الواعية في إنجاز خطة الطبيعة. ويأتي وقت في مسار التطور البشري يشعر فيه بعض الناس بعدم الرضا الشديد عن بطء تقدمهم، وعن عيوبهم ونقائصهم، ولا سيما عن عجزهم عن تقديم العون الفعّال للآخرين في أوقات الحاجة الشديدة. وقد وُصفت هذه الحالة الذهنية بـ «السخط الإلهي» و«الشوق الذي لا يُعبَّر عنه في أعماق الإنسان نحو المطلق».

ومنذ بدايات الحياة البشرية على هذه الأرض، عرف رجال ونساء هذا الشعور وانطلقوا في طريق التفتح السريع، ذلك النهج من الحياة الذي يقرّبهم من غايتهم بسرعة. وقد نجح بعض هؤلاء الأوائل، لكن بثمن باهظ من الجهد الهائل والمعاناة الشديدة، فاكتشفوا طرقًا أو قواعد للحياة تُقلّل إلى أدنى حد من الجهد والمعاناة، حتى صارت هذه المعرفة في النهاية مصاغة في مجموعات من القوانين وُضعت لتكون دليلًا لكل من يسعى المسعى نفسه، وعُرفت هذه القوانين باسم «شرائع الحياة العليا».

وفي هذا الفصل، لن أتناول قوانين الحياة الباطنية بقدر ما أتناول صياغة أخرى هي نظام التلمذة الروحية والتهيئة، الذي وُضع أيضًا لإرشاد الرجال والنساء المستيقظين روحيًا، والذي يقسم مسار التعجيل المتعمد بالتحقق إلى مراحل محددة، تدخل عند بعضها قوانين خاصة حيّز التطبيق، ويصبح السالك فيها أكثر قابلية لتلقي التوجيه من أساتذته الكبار. وهذا التقسيم، الذي يرجع الفضل الأكبر في صياغته الحديثة إلى تسونغ-كابا، أثبت قيمة عظيمة، على الأقل في تجنّب المزالق، وتقليل المعاناة، وتسريع الوصول إلى الغاية، وهكذا ظهر ما يُعرف بـ «الخطوات الرسمية على الطريق».

ومع ذلك، فإن هذه المراحل التطورية والتجارب المرافقة لها ليست حكرًا على حياة السالك في الطريق، بل تُعاد تمثيلها طوال فترة التطور الطبيعي للإنسان. ففي المسيحية مثلًا، وكما ورد في الجزء الخامس من هذا الكتاب، تُصوَّر الخطوات الخمس الكبرى على الطريق بأسلوب مجازي عبر أحداث من حياة المسيح، وهي: الميلاد، والمعمودية، والتجلي، والصلب، والصعود. وكل إنسان يمرّ بهذه التجارب نفسها مرارًا قبل أن يدخل «طريق القداسة». صحيح أن درجات اتساع الوعي، وكذلك شدة الضغوط والمعاناة، تكون أقل بكثير مما هي عليه حين يُتخذ الطريق كأسلوب الحياة الوحيد، لكن يظل كل البشر يمرون بـ «تحولاتهم» أو ولاداتهم الجديدة، وبمعمودياتهم في مياه الحزن، وبإغراءاتهم وابتلاءاتهم، وبحالات الارتقاء المؤقت التي يبدو فيها هم والعالم من حولهم كأنهما قد تغيّرا أو تجلّيا. كما أن «جَثْسَيماني» أو «الليلة المظلمة للروح» كثيرًا ما يعيشها الأفراد والأمم، إلى جانب خيانة الأمانة والإدانة الجائرة.

وقد تبلغ هذه المحن ذروتها في إحساس حقيقي بالصلب، حيث يُختبر جوهر الوحدة القاسية، ومعها آلام القلب وحتى الجسد. لكن هذه التجارب قد تعقبها نهوضات مدهشة وصعودات من الظلام إلى فرح عظيم، بينما يمثل الموت نفسه، وهو حتم على الجميع، صعود الذات الباطنة من قيود الحياة الأرضية. وربما يكون من المفيد النظر إلى هذه التجارب الكونية كما هي في حقيقتها؛ فهي من جهة نتائج لعمل قانون السبب والنتيجة، ومن جهة أخرى إعداد للوقت الذي ستُعاش فيه كاملة كخطوات على الطريق، كما تُصوَّر في قصص الأناجيل عن حياة السيد المسيح.

غير أن الطريق الذي يقود بعيدًا عن الحياة الدنيوية البحتة، بما تحمله من دوافع مادية وأنانية، يضم أكثر من خمس مراحل. ويبدأ التحول بشعور بالإحباط، وبإحساس متزايد بعدم الرضا عن محدودية الذات وفراغ الحياة المادية البحتة. فكثير من المشكلات، الداخلية والخارجية، تبقى بلا حل، وكثير من الأسئلة بلا جواب، حين يُلتجأ إلى الأديان الرسمية السائدة طلبًا للهداية. وينتج عن هذه التجارب تصميم متنامٍ على قهر نقاط الضعف، وتنمية القدرات بسرعة، والعثور على الحقيقة الباطنية، وعيش حياة أكثر روحانية.

وعند دخول هذه المرحلة يبدأ المريد في تلقي المساعدة الخارجية؛ فالإصرار يجذب انتباه الرئيس المتمكّن في شعاعه الروحي، والمسؤول الكبير الذي يجب نيل موافقته قبل السماح بالانتقال إلى مرحلة التلمذة لدى أحد المعلّمين. ويُعرف هذا المسؤول باسم «المهاشوهان»، وهو يتولى — ضمن مهامه — حفظ سجل (يُقال إنه خالد ومحفوظ في كتاب ذهبي) لتقدم كل نفس بشرية على هذا الكوكب، بما فيه نجاحاتها وإخفاقاتها، منذ أقدم العصور، ممن بدأوا السير في طريق التفتح السريع. وهكذا يُمنح كل طالب نظرًا خاصًا من قِبل المعلّمين، وفي الوقت المناسب، يُعترف بمكانته التطورية. وخلال هذه المرحلة، يُقاد الشخص في طبيعته الخارجية إلى اكتشاف نسق فكري وفلسفي مُرضٍ، وقد تُهيأ حتى ظروف حياته الخارجية بما يساعد على تقدمه الروحي، في حدود ما تسمح به الكارما.

ثم تأتي المرحلة التالية، وهي العثور على مدرسة باطنية حقيقية، والتقدم بطلب الانضمام إليها، ثم القبول، ثم تلقي الإرشاد والتدريب اللازمين لاجتياز المراحل اللاحقة من حياة الطريق. وتُعد هذه التجارب ذات أهمية قصوى، إذ تعني أن «الطريق القديم» قد عُثر عليه من قِبل حاجٍّ آخر على الأرض، سواء لأول مرة أو كتكرار من حياة سابقة. وينتج عن ذلك غالبًا تغير ملحوظ في النظرة إلى الحياة، يمكن وصفه بتوسّع الوعي وتراجع الشعور بالانفصال والأنانية، مع تعمق الإحساس بالوحدة مع الذات الكونية الكبرى ومع حياة الطبيعة بأسرها. ويستمر هذا إلى أن يبلغ السالك «التهيئة العظمى الخامسة»، حيث يتحقق وعي الاتحاد التام بـ «الآب»، أو حيث «تنزلق قطرة الوعي الفردي إلى البحر المتلألئ» الذي هو حياة الكون في مجملها.

الاستهلال أو المُسَارَّة الأولى

الخطوة الرسمية الأولى على الطريق تأتي في الوقت المناسب، وتُعرف باسم "فترة الاختبار" (Probation)، وتشير إلى تقديم المبتدئ (المُريد)، غالبًا أثناء نوم الجسد، إلى المعلّم المستقبلي له. وفي حالة وعي كامل وحواس عليا يقظة، يجد نفسه في حضرة كائن كامل، مفعم بالجلال والقوة، ومع ذلك مفعم باللطف والود. يشرح المعلّم عندها معنى هذه التجربة، ويصف الاختبارات والتجارب الحتمية، ويُقبل المترشّح الذي يوافق على ذلك كتلميذ تحت الاختبار. أحيانًا يُشار إلى تغييرات ضرورية في الشخصية، أو يُحدد عمل خاص، وينشأ ما يسمى بـ "الصورة الحيّة" ويحتفظ بها المعلّم. وهذه الصورة تكون على نوع من الاتصال الفائق المادي، شبيه بالراديو أو الرادار، مع الإنسان الخارجي أينما كان في العالم. وكما تُعرض المشاهد على شاشة التلفاز، تنعكس في هذه الصورة الأفكار والخبرات والأفعال ساعةً بساعة ويومًا بيوم. والمعلّم، الذي يفحص هذه الصورة الحية بانتظام، يستطيع بذلك أن يُبقي عينه الساهرة والرحيمة على تلميذه الجديد.

وعندما يحين الوقت، تأتي مرحلة القبول الرسمي "Acceptance" كتلميذ. حيث تنسجم هالة التلميذ انسجامًا وثيقًا مع هالة المعلّم، الذي يمتصه في ذاته لفترة ويشحنه بقوته، وحياته، ونوره كأحد الحكماء المتحققين. ومنذ تلك اللحظة، أينما وجد التلميذ المقبول في العالم الخارجي، يستطيع المعلّم أن يستخدمه دائمًا كقناة لقوته وبركته، وأحيانًا كوعاء لحضوره الشخصي.

أما الخطوة التالية فتُسمّى "بنوة المعلّم" (Sonship of the Master)، وبعد منح هذا الامتياز الذي لا يُعبَّر عنه، يُقام انسجام أوثق بين كلٍّ من الهالتين والذوات الباطنية للتلميذ والمعلّم. وعندما يتحقق التقدم اللازم، تأتي الدرجة العظمى الأولى من التلقين (First Great Initiation)، رغم أن هذه الخطوة قد تسبق أحيانًا مرحلة البنوة. في البوذية يُدعى المُتلقَّن من الدرجة الأولى سوتابتي أو سوهان، وتعني "من دخل التيار". وفي الهندوسية يُسمّى بريفراجاكا، وتعني "المتجول". اعترافًا بالتقدم المحرز تحت إرشاد المعلّم، تُجرى مراسم تلقينية قوية، ويُشرع في "الطريق الحق"، ويُمنح القبول في عضوية الأخوية البيضاء العظمى للحكماء والمُتلقَّنين على هذا الكوكب. عندها يحدث نزول قوي للـ موناد-أتْما إلى الذات العليا (Ego)، ولاحقًا إلى الشخصية، وتبدأ نجمة التلقين بالتألق في الجزء العلوي من هالة المُتلقن. بعد هذه الخطوة العظيمة، يُختبر انسجام متزايد القرب مع المعلّم، ومع وعي الأخوية البيضاء العظمى نفسها، وكذلك إحساس أعمق بالمسؤولية عن تطور الحياة والشكل على هذا الكوكب. بعد هذه الدرجة، يُقال إن الذات العليا للمُتلقن بلغت مستوى من التطور يضمن له العبور الآمن عبر يوم القيامة، الذي سيحدث على هذا الكوكب في الجولة الخامسة القادمة. وهذا، جزئيًا، هو الميلاد الصوفي، أي يقظة الوعي البوذي أو "ولادة" طبيعة المسيح الموجودة في كل إنسان ودخولها حيّز النشاط.

الاستهلال الثاني

ما يلي هو التلقين العظيم الثاني (The Second Great Initiation)، وخلال هذه المرحلة يجب على المتقدّم أن يتجاوز ويتخلّى عن ثلاثة قيود أساسية، هي: الشك، والخرافة، ووهم الوجود المنفصل عن الآخرين. وفي هذه المرحلة التطورية يحدث عادةً تطور سريع جدًا للجسم العقلي، وهذا قد يشكّل اختبارًا كبيرًا يفشل فيه – كما يُقال – العديد من الطامحين. فالعقل، على الرغم من كونه أداة جبّارة في يد الذات العليا (Ego)، هو أيضًا وعاء الأنا الفردية (Ahamkara)، وما يصاحبها من الكبرياء والرغبة في القوة، والمنصب، والمكانة. هذه الإغراءات تواجه كل من يترك الحياة الدنيوية ليدخل الحياة الروحية، حيث يكتسب قوى تفوق في بعض النواحي قوى الإنسان العادي.

ورغم أن التجارب والاختبارات تشتد في مراحل معينة، إلا أنها لا تقتصر على ما يُسمّى بـ "التجارب في البرية" التي تتبع "المعمودية" الروحية. فالحياة الباطنية كلها عبارة عن محنة عظيمة واختبار كبير، مكوّن من محن واختبارات متعددة، يجب اجتيازها جميعًا بنجاح قبل أن تُمنح الدرجات العليا من التلقين.

إن التلقين العظيم الثاني يقرّب السالك إلى المرحلة المعروفة في البوذية باسم ساكاداغامين (Sakadagamin)، أي "الإنسان الذي يعود مرة واحدة فقط" (قبل بلوغ درجة الأرهات Arhatship). وفي الهندوسية يُعرف باسم كوتيشاكا (Kutichaka)، أي "الرجل الذي يبني كوخًا" (أي بلغ حالة السكينة). وخلال هذه المرحلة، تتطور القدرات النفسية عادةً بسرعة، وهي تقابل معمودية السيد المسيح، إذ إن الصعوبات الخاصة التي يجب أن يمر بها المترشح تُصوَّر في تجربة يسوع في البرية.

الاستهلال الثالث والرابع

المترقّي إلى الدرجة الثالثة من التلقين (Third Degree Initiation) يُعرف في البوذية باسم أناغامين (Anagamin)، أي "الذي لا يعود" (أو الذي يأخذ التلقين الرابع في الحياة نفسها). وفي الهندوسية يُسمّى هَمْسَا (Hamsa) أو سوهام (Soham)، وهي كلمة صوفية تعني: "ذلك أنا" أو "أنا هو". ويبدو أن هذا يدل على بداية إدراك الهوية الذاتية مع الرب الأعلى للحياة، ومن ثم القدرة، بوعي كامل وصدق، على إعلان هذه الحقيقة العظمى: "أنا هو". وتُجسّد تجلّي المسيح على الجبل (Transfiguration) هذه المرحلة، حيث يمكن أن يكون ظهور الروح الداخلية من خلال الجسد الخارجي للمترقّي إلى الدرجة الثالثة قويًا وممتلئًا لدرجة أنه قد يحدث أحيانًا ما يبدو وكأنه تجلٍّ جسدي حقيقي. فالـ أوغوئيديس (Augoeides) المتألّق – أي الـ Ego الخالد المترقّي – كثيرًا ما ينزل على الجسد الخارجي، إذ إن الاثنين أصبحا الآن شبه واحد، ليمنحه قوى سامية وعبقرية حقيقية. وفي هذه الدرجة من التلقين، يتم تقديم المترشّح أمام المُلقّن الأعظم الواحد (The One Initiator)، وهو السيد العظيم للعالم، ويُقال إن التلقين نفسه يُمنح من أحد سادة اللهب (Lords of the Flame). وعندما يكون المترقّي خارج جسده أثناء النوم، تكون لديه القدرة على الوعي البوذي (Buddhic consciousness)، بينما في النهار يستطيع أن يكون مدركًا تمامًا للعوالم العقلية العليا، ويستخدم قوى الوعي السببي (Causal Consciousness).

بعد ذلك، يأتي التلقين العظيم الرابع غالبًا في الحياة نفسها، وفي البوذية يُعرف المترقّي في هذه الدرجة باسم أرهات (Arhat)، أي "المستحقّ للتكريم الإلهي". وفي الهندوسية يُمنح اللقب السنسكريتي باراماهامسا (Paramahamsa)، أي "فوق الهمسا". هذه المرحلة هي مرحلة الصلب (Crucifixion). فآلام المسيح أمام بيلاطس وعلى الجلجثة تصف رمزيًا التجارب الداخلية للمترقّي في الدرجة الرابعة، حيث يصبح المبدأ القائل "لا تاج بلا صليب" حقيقة حيّة. بل إنه إذا حاول أن يُلقي بصليبه فسيتهشّم تحت وطأته. وترتبط بهذه المرحلة تجربة مثيرة للغاية، وإن كانت مخيفة، وهي نزول الأرهات إلى هاديس أو أفيتشي (Avichi – أي السكون التام) في محاولة لإنقاذ الأرواح التي سجنت نفسها هناك. وهذا جزء من معنى قول الكتاب إن الرب "كَرَز للأرواح في السجن". في هذه المرحلة، يتمتّع المترقّي بالوعي البوذي في حالة اليقظة، وعند النوم يمكنه دخول النيرفانا (Nirvana)، وهذا جزء من معنى قيامة المسيح.

الاستهلال الخامس

أما التلقين العظيم الخامس فيُعرف في البوذية باسم آسيخا (Asekha)، أي "لم يعد هناك ما يُتعلَّم"، وفي الهندوسية يُعرف المترقّي باسم جيفانموكتا (Jivanmukta)، أي "الحياة المحرَّرة". عند هذه النقطة، تنتهي الحياة البشرية وتُدخَل المملكة فوق البشرية (Superhuman Kingdom).

الدرجة السادسة تمنح لقب تشوهيان (Chohan) أو "السيد"، والسابعة تمنح لقب ماها-تشوهيان (Maha-Chohan) أو "السيد العظيم"، وفي الثامنة يُحرَز البوذاوية (Buddhahood). أمّا أسمى مرتبة يمكن أن يبلغها الإنسان على هذه الأرض – وعلى الشعاع الأول فقط – فهي التلقين التاسع، الذي يرفع الـ Ego إلى مقام سامٍ بشكل لا يُتصوّر، هو مقام المُلقّن الأعظم (The One Initiator)، والذي يُسمّى أحيانًا رب العالم (Lord of the World).

هذه هي القمم التي سيصعد إليها كل البشر يومًا ما، باعتبارهم أرواحًا خالدة متفتحة، سواء عبر التطور الطبيعي أو نتيجة التسريع الذاتي، أي "أخذ ملكوت السماوات عنوة".

وهكذا يتّضح جانب من باطنية الأديان العالمية، وهذا هو الطريق الذي يقود مباشرة إلى اكتساب القوى اللاهوتية (theurgic powers). وبما أن هذه القوى قابلة لسوء الاستخدام بدرجة خطيرة، فإن تعليماتها وطرق تحصيلها تُمنَح مباشرة تحت عهد السرية من المعلّم إلى التلميذ، أو تُقدَّم للبشرية عبر الكتّاب الملهمين تحت ستار اللغة الرمزية.

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

مواضيع المقالة